رئيس التحرير
عصام كامل

هكذا ضاعت ثروة المصريين وممتلكاتهم! (4)


وشركة اليوم التي سنتناول مأساتها -بتبسيط غير مخل- كانت الأقرب للأسرة المصرية لإنتاجها المباشر لها وخصوصا لأطفال مصر، ففي عام 1957 قرر جمال عبد الناصر ضمن خطته لتصنيع البلاد إنشاء شركة عامة تنتج ما يطلبه الجيش المصري العظيم والمدارس الحكومية من الوجبات السريعة تحديدا فكانت شركة "بسكو مصر" أو "المصرية للاغذية" التي تخصصت في صناعات البسكويت والمعجنات والمخبوزات وعدد من الحلويات الأخرى التي تصنع في مصانعها..


كانت الشركة تضم ما يقرب من 4000 عامل يتوزعون على 3 مصانع كبرى بين القاهرة والإسكندرية، فضلا عن مساحات شاسعة أخرى تصل إلى مئات الأفدنة وعشرات الأفرع الممتدة في اغلب محافظات مصر وكانت-ولم تزل- محل ثقة المصريين في جودتها وإنتاجها إنما الفرق الوحيد أنها لم تعد ملكا للمصريين منذ طرحها في البورصة عام 1997 ضمن مشروع الخصخصة واستمرار إجراءات الخصخصة التي بلغت ذروتها في 2005 وانتهت باستحواذ شركة "كلوجز" الأمريكية عليها إلا أن أضفنا فرق آخر أعلنه عمالها عند تظاهرهم مرارا اعتراضا على بيع الشركة هو خشيتهم من استخدام مواد غير آمنة على الصحة العامة..

وفي تحقيق في مجلة "آخر ساعة" للزميلة إيثار حمدي عنوانه "بسكو مصر في قبضة أمريكا وإسرائيل" نشرته في ديسمبر 2014 قالت ما يلي حرفيا:

"يوضح تقرير صادر عن مركز سلامة الأغذية الأمريكي وفقًا لتحاليل أحد المعامل الخاصة بالهندسة الوراثية أن 85% من الذرة التي تستخدمها شركة كِلوجز لإنتاج الرقائق والحبوب تم تعديلها وراثيًا وأضيفت لها مادة الجليفوسات السامة ويشير تقرير للرابطة الأمريكية لمستهلكي المواد العضوية أن قائمة المواد المسببة للسرطان والتي تدخل في منتجات كلوجز تمتد لتشمل سكر البنجر ومنقوع فول الصويا وزيت الكانولا وزيت بذرة القطن والتي تنتجها شركة مونسانتو العاملة في مجال التكنولوجيا الزراعية كما تحذر دراسة صادرة عن مركز "رود" لسياسات التغذية والسمنة التابع لجامعة يل الأمريكية بأن الشركة تستخدم مواد كيميائية حافظة في منتجاتها تضر بصحة الأطفال من أخطر هذه المواد مادة البوتيل هيروكسي التي كشف الباحثون أنها تشكل مادة مسرطنة عند دمجها مع غيرها من المواد الغذائية ولم تقتصر خطورة ما تقدمه "كلوجز" على محتوى منتجاتها بل امتد إلى عبوات تغليفها التي تنتج من الورق المعاد تدويره والمشبع بزيوت معدنية تتسرب إلى المنتج وذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية"!

بالطبع ليس بالضرورة أن تكون الشركة الأمريكية قد استخدمت هنا في مصر تكنولوجيا التصنيع التي تعتمد عليها في الولايات المتحدة إنما المدهش أن الشركة التي شهدت صراعا دوليا عليها انتهى بانتصار الشركة المذكورة على شركة "أبراج" الإماراتية "التي نافست على شرائها نقول إن المدهش أن أعمال "بسكو مصر" خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2015 كشفت عن تحقيق صافي ربح بنحو 37.4 مليون جنيه مقابل 44.5 مليون جنيه خلال الفترة ذاتها من عام 2014 رغم اضطراب أعمال الشركة بسبب الخصخصة وتوتر العمال قلقا على مستقبلهم خصوصا لاشتمال العقد على حق الشركة في الاستغناء عن أي عامل وعن الحق في التصرف في الأصول والسؤال: لماذا باعت حكومات مبارك شركة تربح وفوق أنها تربح تسدد الضرائب وتقدم منتجا محترما يثق فيه الناس وتفتح بيوت الآلاف؟!

وغدا وبعد شركات "النصر للتليفزيون" و"غزل شبين" و"طنطا للزيوت والكتان" و"بسكو مصر" نفتح ملف شركة أخرى تم ذبحها عمدا أو جهلا وإهمالا!
الجريدة الرسمية