رئيس التحرير
عصام كامل

هكذا ضاعت ثروة الشعب المصري وممتلكاته! (3)


ونقف اليوم أمام جريمة أخرى وهي أيضا كاملة الاركان.. وهي كاملة الأركان بحق مصر وشعبها، فبعد ما تناولناه لما جري مع شركتي "النصر للتليفزيون" و"طنطا للكتان والزيوت" نقف اليوم مذهولين أمام ذبح شركة عملاقة أخرى هي "غزل شبين" التي أسسها جمال عبد الناصر في مايو عام 1959 لإنتاج الخيوط القطنية والصوفية والألياف الصناعية، ضمن خطته لتصنيع مصر، ومع خطته لتوزيع المصانع على المحافظات لتوفير فرص عمل..


بدأ المصنع إنتاجه بعنبر واحد، واكتملت طاقته الإنتاجية بوصول عدد ماكيناته إلى رقم قياسي، حيث بلغت 842 ماكينة توزعت على ستة عنابر، بعدد عمال 3500 عامل يتوزعون على ثلاث ورديات، تبدأ الأولى في الساعة 7 صباحًا، وتليها الثانية في الساعة 3 عصرًا ثم الثالثة في الساعة 11 مساءً، وظلت الشركة تعمل وتربح وتطور من نفسها، حتى بدأ بعض التراخي في الاهتمام بها، إلا أن الكارثة الكبري كانت بعد الخصخصة التي طرحها الرئيس مبارك، وفي عام 2006 تحديدا تم بيعها لأحد المستثمرين الهنود، مقابل 120 مليون جنيه فقط، على أن يستحوذ بموجبها على 70% من الشركة مع حق الإدارة، رغم أن الشركة تقع على مساحة مائتي فدان كاملة في قلب مدينة شبين الكوم، بخلاف المصانع والمعدات والمخزون السلعي والسمعة والماركة التجارية!

كانت أولى قرارات المستثمر الهندى هي تحويل اسمها إلى "شركة أندوراما تكستيل" وبحكم حقه في الإدارة حسب العقد تخلص في ثاني قراراته من 1465 عاملا من ذوى الكفاءة والخبرة، في مقابل الاستعانة بعمالة مؤقتة لا حقوق لها، ولكن المثير للقرف أن المستثمر اقترض من البنوك لتمويل ذلك، ليبلغ إجمالى القروض المسحوبة خلال ثلاث سنوات نحو 140 مليون جنيه. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل قدمت الدولة دعما له بين عامي 2007 إلى 2010 يقدر بنحو 68 مليون جنيه.

ناضل العمال بالقانون، وحصلوا بالفعل على حكم من القضاء المصري العظيم الذي أنصفهم بسبب الفساد العلني في البيع، وحكم القضاء الإدارى ببطلان عقد بيع الشركة، وبطلان أي عقود أو تسجيلات بالشهر العقارى لأى أراض تخصها، وكذلك بطلان الإجراءات والقرارات التي اتخذت منذ إبرام العقد وحتى نفاذه، وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانت عليها الشركة قبل التعاقد، واسترداد الدولة جميع أصولها وفروعها ومعداتها، وشطب ما عليها من ديون أو رهون وإعادة العاملين إلى سابق أوضاعهم، مع منحهم جميع حقوقهم، وتحمل المشترى للشركة دفع الديون المستحقة عليها، وإلغاء شروط التحكيم الدولى الموجودة في العقد، وتأكد الحكم من الإدارية العليا عام 2013 وهي من ضمن خطة الدولة الآن في استعادة صناعة النسيج..

إلا أن الشركة كانت قد توقفت عن العمل وعانت لسنوات من التدهور، وعاني عمالها من مرارة لا تنسي، ولم يزل  العمال يبحثون عن حقوقهم وعن عودة الشركة إلى مستواها القديم ومكانتها العالمية..
وغدا مع مأساة جديدة لأسوأ عصور الفساد وبيع ممتلكات الشعب المصري في نهيبة الخصخصة!
الجريدة الرسمية