هكذا ضاعت ثروة الشعب المصري وممتلكاته! (1)
لمن يهاجمون يوميا كلا من الرئيسين عبد الناصر والسيسي، ويحاولان بكل الإفك الممكن تحميلهما مشكلات هذه الفترة، أو محاولة إثبات أن ما نعانيه بسبب فوضي السنوات التالية لـ2011 فقط فعلينا جميعا إذن وفي سياحة تاريخيه أن نتذكر معا الآتي:
في عام ديسمبر من عام 2006 قدم الصديق العزيز الباحث الشاب عصام شعبان دراسة متميزة عن مصنع "النصر للتليفزيون" الذي كان مقره في دار السلام بطريق المعادي، وهو المصنع الذي بعرفه سكان المنطقة جيدا، ويعرفه كل رجال الصناعة، كما يعرف إنتاجه كبار السن، أو من تبقي في بيوتهم قطعة من إنتاجه!
قليلون يعرفون أن المصنع أنشئ عام 1966 بعد 6 سنوات فقط من دخول التليفزيون إلى مصر، وكلاهما تم بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر مع مشروعات الدولة وقتها في التصنيع الكبير والثقيل.
يقول عصام شعبان: كانت الشركة تتكون من 5 مصانع وهي: المحولات وصناعة البطاريات ومصنع إنتاج الكابينة بنوعيها الخشبية والبلاستيكية. ثم مصنع الشاشات، بالإضافة إلى صالات التجميع وخط إنتاج للقطع الإلكترونية، بالإضافة إلى مصنع الأجسام البلاستيكية الخاصة بالمراوح والخلاطات.. ولمن يتكلمون عن عقلية القطاع العام دون أي معلومات لديهم عن هذه الفترة فكان للمصنع 42 مركز خدمة في الجمهورية، والأدهي أنه كان بداخله معهد لتخريج متخصصين وفنيين في هذه الصناعة!
كان عدد العمال عام 1966 عند الإنشاء نحو 900 عامل وهو رقم كبير وقتها، ثم وصلت العمالة إلى 2750 عامل سنة ،1997 ثم أخذت في التناقص التدريجي حتى وصلت العمالة إلى 84 عاملا في يونيو 2006، رغم أن المصنع كان يربح ويتم تصدير فائض إنتاجه إلى السودان واليمن وبعض الدول الأفريقية وغيرها من البلدان الشقيقة!
كان المصنع يعمل ورديتين من 7.30 صباحا إلى 2.30 ظهرا ومن 2.30 ظهرا إلى 9 مساء، وبالقانون 48 لسنة 1978 الخاص بالقطاع العام، ولكن عصام شعبان لا يترك السؤال الأهم في ذهن الكثيرين فيقول:
"كان المصنع يقوم بالتجميع ( R A C ) ثم بدأ بالتعاون مع تليفونات اليابان ثم تصنيع (الشاشات-البوردة -تشكيل المعادن) وصل المصنع إلى معدل تصنيع 80 % من جهاز التليفزيون، ولقد كان المصنع بمثابة مصنع نموذجي حتى إنه اختير في مناقصة إنتاج بعض أجهزة التراسل، حتى في ظل وجود المصانع الحربية (مصنع بنها) وبدأ التوسع في نشاط المصنع في 1983 ضمن مشروع إحلال الواردات وارتفعت ميزانيته من 13مليونا إلى 24 مليونا لترتفع معدلات الإنتاج في عامي 84 و85 فضلا عن الأجهزة والمنتجات الأخرى، وفي عام 1983 حصد المصنع أرباحا بلغت 5.3 مليون جنيه وذلك بأسعار هذه الفترة"!
ماذا جري للممصنع بعد ذلك؟ هل تمت توسعته؟ هل تمت حمايته من المنافسة أكثر وأكثر؟ هل تم إنشاء مصنع آخر يستفيد من إنتاجه؟
لا هذه ولا تلك ولا الثالثة إنما تم تحويل تبعية الشركة إلى القابضة للكيماويات! وتم تصفية الشركة في عملية الخصخصة وتبقي من عمال الشركة-ذات الـ5 مصانع والـ42 فرعا- 87 عاملا ومهندسا، تم تحويلهم إلى شركة "سجورت" لتصنيع المواسير! وتم رفض كل محاولات اللجنة النقابية للإبقاء على الشركة بأي عروض حتى بنصف الأجر، وتم ضرب واحدة من أهم الصناعات الهندسية المصرية، وإخراج مصر من سوق تكنولوجيا التليفزيونات وبالتالي خروجها من التصدير للسوق العربي والأفريقي، ليحل في مصر وأفريقيا شركات أجنبية أخرى..
هل تعرف عزيزي القارئ كم شركة فعلوا بها هكذا؟ وما الصناعات التي تخصصت فيها هذه الشركات؟
للحديث بقية لنقول لك كم الإجرام الذي جري بحق مصر وشعبها!