«أطفال فلسطين» من نيران الحرب إلى جحيم الفقر.. (قصة مصورة)
"أهلًا وسهلًا بكم في جزيرة فاضل" أو كما أُشتهرت بـ "أولاد فاضل وجزيرة العرب"، إحدى القرى بمحافظة الشرقية تقع بين مركزى أبو كبير وفاقوس على الطريق الصحراوي، هذه هي جزيرتي التي ولدت بها بعد، هجرة أجدادي من فلسطين بحثًا عن حياة أفضل من الحرب وتعليم أفضل وحياة كريمة ولكن أعتقد أنهم أخطئوا.
تقول جدتي إن فلسطين هي الماضي والحاضر والمستقبل، ولكن في ١٩٤٩ قد سلب مننا الماضي والحاضر والمستقبل وأصبحنا بلا هوية عراة بعدما سُلب عرضنا، وأصبحنا لا نملك حق الاختيار سوى اللجوء إلى مصر لنعيش حياة كريمة بجزيرة فاضل، ولكن كان الواقع عكس ما توقع الأهل والأجداد.
فأنا أُدعي... لن يهمكم اسمي كثيرًا ولكن ستعرفونه من واقعي، لأعلم من أين أبدأ قصتي ولكن حسنًا.. فأنا لا أتعدى الـ ١٠ أعوام أي طفل يجب عليه أن يتمتع بطفولته ولكن أعتقد أنكم لا تعلمون جيدًا حالتنا، حسنًا سأحاول أن أشرح لكم الوضع على حسب عقلي الصغير، فأنا منذ أن خُلقت ورأيت الدنيا لا أرى سوى تلك الشوارع الضيقة، المتهالكة، غير الآدمية ولكن هي أصبحت عالمنا.
فأنا طفل سُلبت منه أبسط حقوقه بأن أصير طفلًا لديه الرعاية، الأمان، الحماية، أي ببساطة أن يكون لدى كل مقومات الحياة، يقولون لي إنني قد أتيت إلى الدنيا قبل ١٠ أعوام تقريبًا ولكني أظن أنني ميت منذ تلك اللحظة، وسأظل كذلك حتى الممات الأبدي.
تروي لي جدتي عن وطني الأصلي فلسطين كم هي جميلة رغم ما فعله الصهاينة من حرب ودمار أتت على الأخضر واليابس بها، كم هي بهية لا تمرض على الإطلاق، تقول لي "قلمك هو سلاحك" ولكن هنا في تلك الجزيرة لا أعلم ما "القلم" أهذا ما تصفعه أمي لي على وجهي عندما أخطئ؟ لا أعلم، تقول لي إن العلم هو سلاحنا لمواجهة العدو، تقول لي إن نسبة الأميّة بفلسطين قليلة جدًا رغم الحرب لا تتعدى ٤٪ على مستوى الوطن العربي، على النقيض من مصر التي وصلت بها النسبة إلى ٢٤٪.
ولكن كيف يمكن أن نواجهه ونحن لا نعرف الألف من الباء، فهنا في تلك الجزيرة نسير عراة، حفاة، نلعب ونلهو وسط أكوام القمامة أترونها؟ نلعب فوق الخردة الحديد قد نتألم منها بعض الشيء ولكن لا يضر ذلك.
"إحنا طيور القدس" أتسمعون ذلك النشيد؟ هو ما استطعنا نتغلب به على الفقر والأميّة المنتشرة بالجزيرة، هل تسمعون أصواتنا ونحن نفتخر بقدسنا؟ هنا في ذلك المنزل المطلي باللون اللبنى ستجد بداخله أطفال لا يتعدى أي منهم ١٠ سنوات، ستجد صورة لرئيسنا الراحل ياسر عرفات والرئيس الحالى أبو مازن هل تعرفونه؟ لا يهم.. المهم أنه رئيسنا.
هل ترون تلك الكتب المتراصة فوق بعضها البعض؟ لا أعلم ما بها لا أستطيع قراءته، أحاول أن اختلس ما بداخلها ولكن فمي لا يستطيع نطق كلماتها، فالتراب يحيط بها من جميع الاتجاهات.