الجامعة ليست لـ«البنطلون المقطع» يا دكتور جابر!
دافعنا وسندافع عن طريقة إدارة الدكتور جابر نصار لجامعة القاهرة، وقد أعاد لها بريقها ومكانها ومكانتها بين جامعات العالم، لكن ورغم ذلك لا يمكن أن يمر ولا ينبغي أن يمر تصريحه أول أمس لبرنامج "8 صباحا" على قناة "دي إم سي" مرور الكرام.. ففي لحظة نسي الدكتور نصار أن الجامعة مكان لتحصيل العلم وليس كما قال: "أن البنطلون المقطع موضة عالمية، وأنه لم ولن يمنعه من الجامعة"!
كنا نحسب أن انحياز الدكتور نصار للحريات يتسع للاختيارات السياسية والعقائدية ولا يمتد للفوضي، وكنا نحسب أن اتهامه الباطل بانتمائه لجماعة الإخوان يدفعه لتحسس رأسه في أي قرار يمس سلوك الطلبة الشخصي، وكنا نحسب أن الرجل الذي دخل معركة لمنع النقاب من مستشفيات الجامعة، ومنع المنتقبات من التدريس الجامعي، ولم يقل إنه حرية شخصية في هذه أو في تلك قادر وراغب في التصدي لظاهرة سخيفة وتقليعة مستوردة لا علاقة لها بقيم المصريين ولا بذوقهم العام..
وإن كان اعترافه أنه لا يشكل ظاهرة داخل الجامعة أولى بمنعه، باعتباره استثناء مستفزا لا يتسق حتى مع سعيه هو نفسه للارتقاء بالجامعة المصرية، وجامعة القاهرة تحديدا، وإعادتها لسابق عصرها حين كانت ترمومتر الوطن ومعيار صحته ومقياس ضعفه وتدهوره!
لا يمكن لواحد في العالم يتهمنا طبعا بالسلفية أو التطرف، لكن يكفي ما تسرب لمجتمعنا من قيم شاذة غريبة عنه، ويكفيه كم المؤامرات لتفكيك المجتمع المصري وضربه في مقتل في قيمه الأصيلة، وربما كان اختراق الدراما دليل ومثال وما فيها يكفي لإثبات ما جري فينا، فلا أقل من مثقف ومقاتل مثله ليتصدي للظاهرة السلبية، والتي لا علاقة لها بالحرية الشخصية، وإلا فلا يتبق للذهاب إلى الجامعة بـ"الهوت شورت" إلا القليل، وربما لو منعه جابر نصار لمنعته أماكن أخرى، ولا عذر له بأن الأمر مسئولية البرلمان، فلم يكن منع النقاب مسئوليته ولا يمكنه أن يتحجج بعدم قدرته على إلزام أمن الجامعة بمنع "البنطلون الممزق" إذ يكفي إصدار القرار وعلي المخالفات له أن تتحملن النتائج!
بصراحة.. مثل هذه الليونة إن استمرت فسوف نذهب جميعا إلى الجحيم، وبلدنا يحتاج إلى صقور في كل مكان يمتلكون القدرة على الحسم والحزم في صغير المسائل قبل كبيرها، بل تحتاج إلى مثل جابر نصار نفسه الذي انتصر على كل مشكلات الجامعة الكبيرة، لكنه بكل أسي يتراجع أمام أصغر وربما أتفه مشكلاتها!!