رئيس التحرير
عصام كامل

انهيار المعقل الأخير للإخوان في المغرب.. الإطاحة بـ«عبد الإله بنكيران» يؤكد فشل الجماعة الذريع.. الفضائح الجنسية كلمة السر.. الإخفاق الاقتصادي يعجل برحيل الحكومة

عبد الإله بنكيران
عبد الإله بنكيران

قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس إبعاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لحركة التوحيد والإصلاح "فرع جماعة الإخوان في المغرب"، مساء أمس الأربعاء، من رئاسة الحكومة المغربية وإعفائه من تشكيلها كان متوقعا، ويفتح الباب لخطة "المخزن" لإسقاط الإخوان في المملكة.


و"المخزن" هو مصطلح له دلالة خاصة في العربية المغربية، ويقصد به النخبة الحاكمة في المغرب التي تمحورت حول الملك أو السلطان سابقا.

ويتألف المخزن من النظام الملكي والأعيان وملاك الأراضي، وزعماء القبائل وكبار العسكريين، ومديري الأمن ورؤسائه، وغيرهم من أعضاء المؤسسة التنفيذية.

فالسلطة ترى في حزب عبد الإله بنكيران جماعة دينية أكثر منه حزب سياسي مدني يمكن أن يهدد إمارة المؤمنين، وقد ينقلب في أي لحظة ليحكم قبضته على السلطة، لذلك كانت خطة "المخزن" جاهزة لإسقاط الإخوان.

عبده مشتاق
أحد أهم محاور خطة "المخزن" لإسقاط حزب العدالة والتنمية، هو استخدام "عبده مشتاق"، طمع الإسلاميين وشراستهم للسلطة، جعل من السهل لـ"المخزن" طريق للإخوان للوصول للحكومة، ثم تركها تسقط عبر أخطاء قيادات الحزب.

فقد ترك "المخزن" لحزب العدالة والتنمية "الإخواني"، ليتولى قيادة الحكومة المغربية والوصول إلى رئاسة المجالس المحلية وقيادة الولايات المغربية، لكنه على مستوى المضمون جعلهم يتخلون عن لباسه "الأيديولوجي والفكري" وجعلهم يطيعون أوامر القصر.

وقد أظهر الإخوان مرونة كبيرة في المراوغة وتقديم التنازلات من أجل البقاء في السلطة والحصول على رضا القصر وتحول الحزب وهياكله الدعوية والسياسية والإعلامية من المناداة بضرورة الوقف الفوري لصنع الخمور وترويجها بالمغرب، وانتقاد الحكومات المتعاقبة على عجزها عن تحقيق هذا المطلب وتماديها في محاربة الله ورسوله بتخمير عقول المغاربة إلى أكبر مؤيد لها.

وتحولت مطالب جماعة الإخوان "التوحيد والإصلاح" بمنع بيع الخمور في 2002، إلى الدفاع عنها وتحقيق مبيعات قياسية بنسبة 40% في عهد حكومة بنكيران خلال 2016.

وأيضا موقف الإخوان من التطبيع مع إسرائيل، الذي تحول إلى تحقيق أفضل مرحلة تبادل تجاري بين تل أبيب والرباط، فقد بلغ حجم التبادل التجاري 160 مليون دولار في عهد حكومة بنكيران بعدما كان 20 مليون في 2008، وغيرها من الملفات التي أسقطت الحزب شعبيا في السلطة.

فرِّق تَسُد
"فرق تسد" مبدأ من مبادئ السياسية مضمون النجاح، وهو أحد أدوات "المخزن" في إسقاط الإخوان المسلمين، عبر خلق حالة من العداء بين حزب العدالة والتنمية والقوى الإسلامية الأخرى، ما جعل الحزب وحيدا، فيتم الإطاحة بالإخوان بسهولة.

فخلال 2016 أقدمت حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة عبد الإله بنكيران، على حملة اعتقلات ضد رموز التيار السلفي، وخضع 75 ناشطًا سلفيًّا لتحقيقات من قبل الأمن المغربي.

وقد وجّه نُشطاء من التيّار السلفي اتهامات لاذعة لحكومة بنكيران، على خلفية الاعتقالات الواسعة التي شملت عددًا منهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب بالقول: إن "حكومة العدالة والتنمية تمارس اضطهادًا ضد التيار السلفي في المغرب داخل وخارج السجون"، ووصفوها بـ"ناكرة الوعود".

كما واصلت حكومة بنكيران قبل إعفائه من منصبه، سياسة تضييق الخناق على أكبر جماعة إسلامية في المغرب وهي جماعة "العدل والإحسان" حيث تعرض عدد من قيادات الجماعة لمحاكمات بتهمة الإساءة إلى الدولة المغربية.

وزارة التعليم
وفي فبراير 2017، تفجر ملف آخر بين النظام والجماعة، حيث تمت إقالة وإعفاء العشرات من أعضائها من وظائفهم بوزارات مختلفة، في مقدمتها وزارة التعليم، دون توجيه تهم واضحة.

وبذلك أصبح حزب العدالة والتنمية في حالة عداء مع القوى الإسلامية الأخرى في المغرب، وتصبح حكومة الإخوان حكومة "إسلاميين بدون إسلام".

الجنس سكين قاتلة
الأمور لم تتوقف بدق إسفين بين حزب العدالة والتنمية والقوى الإسلامية الأخرى، ولكن كانت أخطاء قيادات الإخوان في المغرب، خاصة الفضائح الجنسية، سكين قاتلة استخدمها "المخزن" لتعرية الإخوان في البيئة الاجتماعية والدينية للحزب.

وشهد المغرب في أكتوبر الماضي، فضيحة جنسية لجماعة الإخوان، حيث اعتقلت الشرطة المغربية "عمر بن حماد" و"فاطمة النجار" نائبي رئيس حركة التوحيد والإصلاح "فرع الإخوان في المغرب" إثر ضبطهما "في وضع جنسي مخل"، مما أثر على شعبية الحزب في المغرب.

سياسية الحزب الاقتصادية
كان أحد أهم أسباب إبعاد بنكيران عن تشكيل الحكومة المغربية، مع فشل في التوصل إلى اتفاقات مع الأحزاب السياسية الأخرى، هي السياسية الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية والتي أدت إلى خروج العديد من فئات الشعب المغربي ضد الحكومة والتنديد بسياسة حزب الإخوان.

ويقول السياسي المغربي والقيادي بحزب النهج الديمقراطي مصطفى البراهمة، إن "المخزن" متبرم من قرار الاقتصادية عبد الإله بنكيران، التي أصدرتها في ولايته الأولى والتي أدت إلى احتقان في الشارع الجزائري.

وأضاف البراهمة أن: "جل القرارات المجحفة في حق الشعب المغربي تم إقرارها في ظل حكومة بنكيران، وعلى رأسها الإجهاز على التقاعد، وتحرير الأسعار، والتقليص من نفقات المقاصة".

صراع داخل البيت
"ضرب البيت من الداخل" إحدى أهم الأدوات التي استخدمها "المخزن" في إسقاط حزب العدالة والتنمية، حيث أعلن عدد من قيادات الحزب الإسلامي في "مراكش ومكناس"، انشقاقهم من حزبهم السابق والتحاقهم بحزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض.

وقال محمد راضي السلاوني، برلماني، منشق عن العدالة والتنمية، إن الانشقاقات جاءت "نتيجة مسلسل من المؤامرات والزيف الداخلي والإقصاءات" التي عانى منها المنسحبون من قبل تيار تغلغل داخل إسلاميي العدالة والتنمية، وأصبح يسيطر عليه أصحاب المصالح والمال.
الجريدة الرسمية