سارق الشيكولاتة والإفك العظيم
هالني ما رأيته وسمعته عن قضية «سارق الشيكولاتة» في الجيزة، وحزنت كثيرًا لما آلت إليه الأمور في بلادنا، من صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تتعاطف مع سارق الشيكولاتة، بدعوى المبررات الإنسانية، ومطالبات بمعاملته بروح القانون وليس بنصه، وأخرى بإسقاط العقوبة عنه، لأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعل ذلك في عام المجاعة، وبدعوى أنه لم يسرق إلا الشيكولاتة فقط تلبيةً لرغبة ابنه، وأنه لو كان معتاد السرقة لسرق أشياءً أكثر أهمية وأغلى ثمنًا، وسعدت جدًا لهذا الشعور الإنساني الراقي لأحد المواطنين الذي تبرع بشراء الشيكولاتة يوميًا لهذا الطفل، وهو موقف رائع يحسب لصاحبه.
ولكن ماذا لو حاولنا تلبية كل طلبات الأطفال في مصر؟ ماذا لو أن كل أب فقير لبى طلبات أبنائه من الشيكولاتة فقط؟ ماذا لو فعل كل أب مثلما فعل سارق الشيكولاتة بدلًا من توجيه رغبات الأبناء وتلبيتها في حدود المتاح والإمكان لجأ إلى هذا السلوك المعوج عرفًا وقانونًا؟ ماذا لو حاول وفعل كل صاحب عمل وهو محق الدفاع عن عمله أو متجره عندما يراه يتعرض للسرقة؟ هل يغمض عينيه بدعوى أن السارق يلبي رغبة ابنه أو أحد أبنائه؟ أم يذهب أمام هذا المعتدي السارق ويعطيه الشيكولاته التي رأها بأم عينيه يسرقها ويعطيه فوقها علبة كمان هدية؟ أم يقوم بتوصيله مع ما سرق إلى حيث يريد، بدعوى أننا نعيش ظروفًا اقتصادية صعبة.
يا سادة مصر بها 30 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، ولو حاول كل فقير أب أو أم سنجد 90 مليون حالة سرق لو افترضنا أن متوسط عدد الأبناء 3 فقط فماذا لو كان عدد الأطفال أكبر من ذلك؟ وماذا لو كانت تطلعات الأبناء أكثر من الشيكولاتة؟ وهى بالمناسبة ليست من النوع الرخيص كما يقولون بل هى من النوع الفاخر، الذي لا يتناوله إلا أثرياء القوم، وماذا لو أننا جميعًا تعاطفنا مع كل سارق بدعوى أنه فقير محتاج وأن ظروف المواطنين المعيشية صعبة؟ هل نلغي المحاكم وكتب القانون؟ هل نسقط قانون العقوبات والحدود بدعوى الظرف الإنساني وإذا فعلنا هل سيتبقى للناس حقوق؟ وكيف سيطالبون بها سبحانك هذا إفك عظيم!!