رئيس التحرير
عصام كامل

«أرض البرتقال الحزين» أوجه مختلفة لمأساة فلسطين.. «تقرير»

 فلسطين
فلسطين

«ﺇﻟﻰ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺸﻬﺩ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺒﺭﺘﻘﺎل ﺍﻟﺤﺯﻴﻥ... ﻭﺇﻟﻰ ﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﺸﻬﺩ ﺒﻌﺩ» هكذا افتتح غسان كنفانى مجموعته القصصية «أرض البرتقال الحزين» والتي صدرت لأول مرة عام 1962، وهو الذي لم يعلم أنه بعد 10 سنوات سيغتال هو الآخر في سبيل أرض البرتقال الحزين على يد جهاز المخابرات الإسرائيلية وعمره لا يتجاوز 36 عاما بتفجير سيارته في منطقة الحازمية قرب بيروت.


في مجموعته القصصية "أرض البرتقال الحزين" حاول الكاتب الصحفي والأديب الفلسطيني غسان كنفانى أن ينقل معاناة ومأساة فلسطين والفلسطينيين على اختلاف أوجهها؛ حيث اختلفت القصص والشخصيات والأماكن ولكن ظلت المأساة والموت هما التيمة الرئيسية التي اجتمعت عليها قصص المجموعة.

وشملت المجموعة قصص «أبعد من الحدود، الأفق وراء البوابة، السلاح المحرّم، 3 أوراق من فلسطين: أ- ورقة من الرملة، ب- ورقة من الطّيرة ج- ورقة من غزّة، الأخضر والأحمر:1- النّزال، 2- جدول الموت، 3- الموت للند، أرض البرتقال الحزين، قتيل في الموص، لا شيء».

وبرزت المأساة خصوصا في قصة ناديا الطفلة التي حاولت الدفاع عن أخواتها الصغار وبترت ساقها أثر ذلك، وهى التي طالما حلمت أن ترتدي بنطال أحمر، «لقد اعتدت أن أحب ناديا، اعتدت أن أحب ذلك الجيل الذي رضع الهزيمة والتشرد إلى حد حسب فيه أن الحياة السعيدة ضرب من الشذوذ الاجتماعي».

إلى جانب حديثه عن استغلال قضية اللاجئين حينما قال «كل زائر يجب أن يذهب إلى المخيمات، وعلى اللاجئين أن يقفوا بالصف، وأن يطلقوا وجوههم بكل الآسى الممكن، زيادة على الأصل، فيمر عليهم السائح ويلتقط الصور، ويحزن قليلًا.. ثم يذهب إلى بلده ويقول: "زوروا مخيمات الفلسطينيين قبل أن ينقرضوا"».

وعلى لسان أبطال المجموعة لخص كنفانى مأساة فلسطين قائلا:
«كلام الجرائد لا ينفع يا بني، فهم أولئك الذين يكتبون في الجرائد يجلسون في مقاعد مريحة وفي غرف واسعة فيها صور وفيها مدفأة ثم يكتبون عن فلسطين وعن حرب فلسطين، وهم لم يسمعوا طلقة واحدة في حياتهم كلها، ولو سمعوا إذن، لهربوا إلى حيث لا أدرى. يا بني فلسطين ضاعت لسبب بسيط جدًا، كانوا يريدون منا - نحن الجنود - أن نتصرف على طريقة واحدة، أن ننهض إذا قالوا انهض، وأن ننام إذا قالوا نم، وأن نتحمس ساعة يريدون منا أن نتحمس، وأن نهرب ساعة يريدوننا أن نهرب.. وهكذا إلى أن وقعت المأساة، وهم أنفسهم لا يعرفون متى وقعت!».

وكانت له فلسفته الخاصة عن الموت حين قال: «في عين كل رجل – يموت ظلما - يوجد طفل يولد في نفس لحظة الموت»، «إن الحياة لا قيمة لها قط إن لم تكن، دائمًا، واقفة قبالة الموت»، «لا تمت قبل أن تكون ندًا.. لا تمت»، وكذلك فلسفة الحياة، قائلا: «اسمع يا فيلسوفي الصغير الإنسان يعيش ستين سنة في الغالب، أليس كذلك؟ يقضي نصفها في النوم.. بقى ثلاثون سنة، اطرح عشر سنوات ما بين مرض وسفر وأكل وفراغ.. بقى عشرون إن نصف هذه العشرين قد مضت مع طفولة حمقاء.. ومدارس ابتدائية.. لقد بقيت عشر سنوات عشر سنوات فقط أليست هذه جديرة بأن يعيشها الإنسان بطمأنينة».
الجريدة الرسمية