رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى رحيل الشيخ طنطاوي!


قبل سبع سنوات بالتمام والكمال رحل الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر.. كانت فترة توليه المشيخة نموذجًا في قدرة الإخوان على التدمير المعنوي للشخصيات التي يستهدفونها وهو الأمر الذي استمر طوال وجود فضيلته شيخًا للجامع الكبير بل وقبلها مفتيًا للديار.. كل ما فعله الشيخ أنه اجتهد كما أمرنا الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.. الله سبحانه أمرنا بالنظر والتأمل والتفكر وأمرنا صراحة بإعمال عقولنا في أمور الدين والدنيا حتى كانت العبارة الشهيرة "ربنا عرفوه بالعقل" وكذلك مدح سبحانه أولي الألباب ووصف الإنسان بخليفته على الأرض ولا يصح أن يكون خليفة الله على الأرض بلا إرادة ولا عقل ولا وعي ولا قدرة على التدبر!


أما الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فيعلمنا أن "من اجتهد وأصاب فله أجران وإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد"!! هل هناك تشجيع وتحريض على الاجتهاد أكثر من ذلك؟! ومع ذلك لم يسلم الشيخ من الأذى لاتباعه القرآن والسنة لا في فتوى البنوك التي لم يحلل فيها الربا كما افتروا عليه، إنما كل ما قاله إن هذه العمليات البنكية المطروحة عليه لا ينطبق عليها وصف ولا تعريف الربا المحرم شرعًا! وكذلك فتاويه في الختان والنقاب وعن فتواه في السياسة الخارجية بأن "اسألوا أهل الذكر"!

ما يدهشنا ليس تربص الإخوان به فهذا منهم منطقيًا ولا يدهشنا تنظيم تجمع ضده أسموه "جبهة علماء الأزهر" ضمت أغلبية من المتطرفين ومن غلاة المتشددين إنما ما يدهشنا هو دخول فئات وشخصيات في المجتمع على خط المعركة رغم أنهم أقرب للشيخ طنطاوي !! ورغم أنهم الأبعد عن خصومه!! ورغم مطالبتهم الدائمة بالتجديد وفتح باب الاجتهاد بل ومطالبتهم بفقه جديد وتجديد الخطاب الديني كله!! واحتسبناهم وقتها من النخبة المستنيرة التي سترتب أولوياتها مع أولويات الوطن.. لكنها انضمت إلى الحرب ضد الرجل لمجرد أن الإخوان وصفوه ب "مفتي السلطان" فكانت معركتهم ضده جزء من معركتهم مع " السلطة"!

الانتهازية البغيضة من سمات سلوك الكثيرين.. لكن ويرحل الشيخ وهو يؤدي الواجب في الأراضي المقدسة ويدفن في البقيع ولتخرس الألسنة لرجل شهدت له السماء!
وهؤلاء- وبعضهم كما هو-لا يراجعون أنفسهم أبدا.. فالانتهازية لديهم جين يغلبهم ولا يغلبونه!

الجريدة الرسمية