رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى ميلاد عبد الحميد كشك.. «الشيخ الضرير» يكشف ذكرياته في المعتقل.. قانون حمزة البسيوني حكم سجون «ناصر».. معارضة كامب ديفيد سبب ضمي لاعتقالات سبتمبر.. وصلاح نصر سبب هزيمة يونيو

الشيخ عبد الحميد
الشيخ عبد الحميد كشك

«مازلت أذكر الزنزانة رقم 19، يوم دخلتها لأول مرة في حياتي، وأغلق الباب على وحدي والظلام دامس، وأخذت أتحسس حوائطها حتى أنام، أين الفراش الذي أنام عليه، أين القبلة لأصلي لله وأين الماء لأتوضأ، خلعت ملابسي وفرشتها وطويت عمامي ووضعتها تحت رأي ونمت ليلتها أشكو لرب العباد ظلم العباد».


بتلك الكلمات وصف الشيخ عبد الحميد كشك المولود في مثل هذا اليوم من عام 1933 شعور أول يوم له في المعتقل، وكيف كانت السجون في بعض سنوات جمال عبد الناصر، مؤرخًا تفاصيل لم يكن يقدر عليها سوى «الشيخ الضرير».


وبدأت علاقة «كشك» الذي ينتمي إلى قرية تابعة لمركز شبراخيت بالبحيرة، بعالم السياسة إثر تخرجه مباشرة من كلية أصول الدين بترتيب الأول على دفعته ليخيروه بين التدريس والخطابة فيختار الأخيرة ويذهب لمسجد «عين الحياة» بحدائق القبة، وهو ما صار لاحقًا يعرف بـ«مسجد الشيخ كشك».

ورغم أن «كشك» قد تكلم في السياسة سابقًا فكانت أولى خطبه في البحيرة عن سوء إدارة المستشفيات، إلا أن في القاهرة اتخذ طابعا أكثر جدية، وفي بداية ستينيات القرن الماضي والجميع يحبس أنفاسه بسبب الممارسات الأمنية وقتها، كان الشيخ الضرير الذي تم تكريمه من جمال عبد الناصر في عيد العلم يهاجم «ناصر»، ومنتقدًا الرقابة المفروضة على كل شيء، قائلًا: إن الأولى هو مراقبة الفساد.

في عام 1965 وفي أحداث عرفت بـ«تنظيم سيد قطب» تم القبض على «كشك» لأول مرة وتم وضعه في سجن القلعة لمدة عامين، وصف خلالها الرجل ما حدث في الداخل مؤكدًا أنه لا يوجد أي قوانين داخل السجون سوى قانون «حمزة البسيوني».

تنقل «كشك» من سجون القلعة إلى طرة ثم أبوزعبل حتى 5 يونيو 1967، ووقوع النكسة التي بدلت كل شيء، وعنها يقول الشيخ مقولته الشهيرة «كيف يكون هناك نصر وبيننا صلاح نصر»، محملًا إياه هزيمة يونيو، وفي 30 مارس 1968 تم الإفراج عنه.

الرجل الذي لم ينتمِ إلى أي أحزاب سياسية، وإن اعتبرته الجماعات الإسلامية إمامها، كان على موعد آخر مع الاعتقال حين عارض اتفاقية كامب ديفيد ليكون ضمن من ضمتهم كشوف اعتقالات 5 سبتمبر، وبعد شهر تم الإفراج عنه في عصر مبارك الذي سكت عنه الشيخ حتى توفي 6 ديسمبر 1996.
الجريدة الرسمية