رئيس التحرير
عصام كامل

عمر وزمن اللاحكمة (2)


وصلتنى العديد من التعليقات عن الحلقة الأولى من سلسلة مقالات "عمر وزمن اللاحكمة"، أقتطف منها جملة استوقفتنى، فيها اتهام لـ"نظام الحكم" بالتسبب فى حالة الانقسام التى تعيشها مصر، ويقول صاحب المقولة :" كلامك  فيه تحامل على المعارضة وتحمليها سبب الانقسام الذى نعيشه وتجاهلتى ذكر أن سياسات الرئيس هى التى فرقتنا".

 

أقول لصاحب هذا التعليق ، صبراً ، هذه حلقة فى سلسلة ستطول الجميع ، فمصر لايسكنها "تيار ملائكى" ، وما اخترته من أقوال مأثورة للفاروق عمر  - تذكر أننى فى الحلقة الأولى قلت سأضعها بين يدى الحاكم والمحكوم ، وحتى يستريح قلبك ، كنت قبل أن يصلنى تعليقك هذا،  قررت أن تكون هذه الحلقة  من "عمر وزمن اللاحكمة" ، عن مقولة تصلح لتوضع فى دساتير الدول كلها .. مقولة رغم عدد كلماتها القليل التى تعد على الأصابع إلا أن فضائلها لاتعد ولا تحصى ، لأنها تنظر إلى المستقبل قبل الحاضر .. الأحفاد قبل الأولاد .

 

يقول عمر رضى الله عنه :" بئس الوالى من قال :على من أمر الرعية مايكون فى عهدى ، ثم لايضرنى مايكون من بعدى" ، والسؤال هنا : إلى متى ستظل ثروات مصر رهينة الحاضر ، لا نصيب للأجيال القادمة فيها ؟ .. إلى متى تظل الحكومة الحالية تنظر إلى قرض صندوق النقد الدولى على أنه طوق النجاة ، وقد يأتى رئيس آخر بعد 4 سنوات من حكم الدكتور محمد مرسى ، بدلاً من أن يبدأ فى تنمية هذا البلد ، يجد نفسه مشغولاً بسداد قروض - نفس الحال الآن - فنظام مبارك ترك تركة ثقيلة ، لا الرئيس ولاحكومته قادرة على حملها ، ومع ذلك يريدون وضع ثقل فوق الثقل الذى تركه الرئيس السابق، رغبة منهم فى كسب شعبية بين فقراء هذا البلد الذين لايفهمون معنى "ديون دولة" ، وكأنهم بالفعل يقولون :"علينا من أمر الرعية مايكون فى عهدنا ، ثم لايضرنا مايكون من بعدنا" .

الرئيس محمد مرسى قال فى خطابه أمام مجلس الشورى :"الاحتياطى من النقد الأجنبى كان 35 مليار دولار فى يونيو 2011 – أى أثناء تولى المجلس العسكرى مقاليد الأمور، ووصل هذا الاحتياطى الآن إلى 15.5 مليار دولار "، ومن ثم كانت الصحف فى الأيام الماضية تتحدث عن قرب إفلاس مصر، وهنا أقول : بئس المجلس العسكرى الذى قال على من أمر الرعية مايكون فى عهدى ، ثم لايضرنى مايكون من بعدى .

فى النهاية أتوجه بنداء إلى رئيس الجمهورية : ليكن الاحتياطى من النقد الاجنبى الموجود الآن هو أول الغيث ، لايقربه أحد بل اعمل أنت ورجالك على زيادته عشرات الأضعاف ، ولاتعقد آمالاً على القروض ، فمصر بها من الموارد مانستطيع بها بناء نهضة حقيقية ، حتى وإن كانت بطيئة ، فسيكتب لك عند الله أنك لم تحمل الأجيال القادمة مزيداً من الأعباء.

 

الجريدة الرسمية