رئيس التحرير
عصام كامل

هل رأيت التظاهرات يا «صبور»؟!


نحترم رجال الأعمال ولكن احترامنا لرجال الأعمال الخيرين أشد.. ونقدر رجال الأعمال وتقديرنا لرجال الأعمال المثقفين أشد.. ونسعد بقدرة رجال الأعمال على العمل والربح وسعادتنا برجال الأعمال المقدرين أحوال الطبقات الدنيا أشد.. وطوال أسبوع كامل تشغلنا الأحداث المتلاحقة عن الرد على رجل الأعمال المهندس حسين صبور والذي لم يكتف بتحريضه في كل ظهور إعلامي على المزيد من تخلي الدولة عن دورها تجاه شعبها وهو التخلي الذي دفع إلى ما نحن فيه من أزمات شاملة تراكمت عبر سنوات طويلة رفعت فيها الدولة يدها عن مهامها الأصيلة وخصوصًا في الدول الفقيرة من التخطيط إلى الخدمات الأساسية من علاج وتعليم وبدلا من استيعاب الدرس عند الكثيرين تراهم يفعلون العكس تمامًا !


كثيرون ينتهجون النهج نفسه لكن مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية ومع ضرورة تأمين المجتمع بتوفير الخدمات الممكنة للطبقات الفقيرة إلا المهندس صبور.. والذي فاق في حواره لــ "اليوم السابع" قبل أيام كل الحدود الممكنة وغير الممكنة بلغت حد التحريض المباشر.. وقبل أن أكمل العبارة.. هل تتخيلون تحريضه كان ضد من؟ ضد الفاسدين مثلا؟ ضد رجال الأعمال ممن لا يقومون بأي دور اجتماعي وإنساني؟ ضد الفشلة في الجهاز الإداري؟ ضد المهملين في الجهاز الحكومي؟ ضد الوزراء ممن لا يلبون مطالب المرحلة؟ ضد من يتفاوضون مع الدولة للعودة مقابل التصالح وإرجاع أموال؟ ضد البلطجية في الشوارع؟ لا.. ولا.. ولا.. المهندس صبور يحرض رئيس الجمهورية ضد الشعب المصري!!

يقول صبور حرفيًا: "هذا الشعب تدلع كثيرًا وأرجوك يا سيادة الرئيس شد عليه ولا تدلعه أكثر من ذلك"! وقال: "اللى محتاج أوى يعنى نبقى نديلة فلوس"!! وقال: "الناس عايزة تقعد على القهوة وتلعب طاولة ويطلعوا عمرة على حساب الحكومة وياكلوا ويشربوا على حساب الحكومة"!! وغيرها من العبارات !!

بالطبع لا نعرف من هؤلاء الذين يريدون الذهاب للعمرة على نفقة الحكومة، حيث إن الكثيرين ممن معهم الأموال غير قادرين أصلا على الذهاب إليها! ولكن صبور وفيما يبدو لا تسوقه الظروف ولا الصدف ليرى غلابة مصر وأحوالهم ولا التركة التي آلت للرئيس السيسي بهم، ويبدو أنه ينتقل من سيارته المكيفة إلى مكتبه المكيف ويدلف إليه عبر حراسته ورجال الأمن ليعود إلى بيته الفخم دون أن يعرف أحوال الناس على حقيقتها أو حتى يلتقيهم..

وبالأمس ربما رأى بنفسه عبر الشاشات حال فئات من الشعب المصري ظنوا -طنوا- لبعض الوقت أن يدًا عبثت بنصيبهم من الخبز!!! فكان ما كان من وجوه شريفة لكنها فقيرة، خط الفقر على أجسادهم النحيلة ووجوههم ألف خط وخط وقد تركوا أكبادهم في بيوتها ليسعوا ويعودوا لهم بالخبز "الحاف" بعد أن عز اللحم والدجاج.. والسؤال: ماذا لو عملنا بنصائح صبور بك ؟ ماذا لو منعنا التموين وتكافل وكرامة ومعاشات التضامن والعلاج المجاني لمستحقيه وألبان الأطفال المدعومة ثم أعطينا "المحتاج أوي منهم" بعض الأموال ؟!

الحمد لله بالطبع أن مثل هذه النصائح لا يستجيب إليها أحد.. ولن يستجيب إليها أحد.. ولكن فليتفضل الباشمهندس صبور ويحاول أن يقنع الناس بأفكاره العظيمة.. لكنها من المؤكد ستكون من زيارات المرة الواحدة.. والنتائج المأساوية!!
الجريدة الرسمية