رئيس التحرير
عصام كامل

ما لم يقله أحمد موسى!


انتقد الإعلامي الأستاذ أحمد موسى، أمس، على شاشة "صدى البلد" -وهو محق- الانفلات الحاصل في تعامل المدارس الأجنبية مع المصريين، وانتقد فكرة التعليم الأجنبي الخاص ذاتها، مؤكدًا أن التعليم مسئولية الدولة وكان ينبغي أن يبقى مسئولية الدولة، وقال إن المدارس الأجنبية تتخذ قراراتها من طرف واحد بغير رقيب ولا حسيب حتى إنها ترفع رسوم الطلبة والتلاميذ بما يصل إلى 25 ألف جنيه حتة واحدة خلاف المبلغ الأصلي، وبلا مناسبة وبلا مبرر وفي قلب العام الدراسي!


وبعيدًا عن المتسبب في فوضى التعليم الخاص والأجنبي في مصر، وبعيدًا عما فيه من تحريض على صراع اجتماعي، وبعيدًا عن التسخيف من التعليم المجاني والحكومي طوال السنوات السابقة كلها، إلا أن ما لم يقله الأستاذ موسى أخطر من ذلك بكثير بل وبكثير جدًا.. فمصر البلد المتجانس والذي قال معه في برنامجه أمس الأول، المفكر والمحلل السياسي الفلسطيني الأستاذ طه الخطيب أن أعداءها احتاروا في تجزئتها والتآمر عليها، إلا أن أعداء مصر وفضلًا عن استخدامهم لمحاولات شق الصف بالفتنة الطائفية وإضعاف مصر بالإرهاب، إلا أن بعدًا آخرًا من خلال التعليم لجأ إليه أعداء هذا البلد الآمن وهو التعليم.

فمصر ربما كانت البلد الوحيد في العالم الذي نجد التعليم به يعج بالسمات التالية معًا: في بلادنا جامعات بكل لغات العالم ولكل منها مناهجه بلغته الأساسية.. ففي بلادنا الجامعات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والكندية والصينية والألمانية وغيرها في الطريق، وفي كل منهج منها آدابها الخاصة وبالتالي ثقافتها الخاصة حتى في سلوكها الشخصي، وبالتالي فبعد عدة سنوات سنكون أمام عدة مجتمعات داخل بلادنا هم مصريون بالاسم والميلاد لكن بالنشأة والثقافة غير ذلك.. لا يعرفون تاريخ بلدهم ولا ثقافته ولا جغرافيته ولا معاركه ولا الأخطار التي تحيط به ولا أدبائه ولا مطربيه ولا ملحنيه ولا أي شيء عنه.. وبالتالي فكرة التفكيك على أساس العرق أو القومية أو المذهب الديني تم الالتفاف عليها واستبدالها بوسائل أخرى!

في بلادنا وحدنا تعليم خاص وأجنبي لا يقرر تاريخ شعبنا وأرضنا ومنهم من لا يقرر ديننا ولا لغتنا ومنهم من لا يعترف بتحية العلم المصري رمز الرموز المصرية!

نقف في الحقيقة أمام كارثة لا نراها كاملة بعد.. ولكن مصيبتها الكبرى أنها من الكوارث التي إن رأيناها ستكون قد وقعت الواقعة وباتت الحلول قاسية ومؤلمة أن كانت الحلول-وقتها- ممكنة من الأساس!

بات الأمر إذن واقعًا وليس مهمًا الآن من سمح به ومن ساعد فيه أو شجع عليه، إنما المهم إنقاذ بلادنا مما يحاك لها.. وبات قاب قوسين..أو أدنى!!
الجريدة الرسمية