رئيس التحرير
عصام كامل

صراع الثنائيات يزيد أزمة «المصريين الأحرار» اشتعالا.. ساويرس وخليل الديمقراطية واللا شيء.. اللائحية والعدم.. رئاسة الحزب ومجلس الأمناء.. البداية والنهاية

المهندس نجيب ساويرس
المهندس نجيب ساويرس و عصام خليل رئيس الحزب

«كنت أحلم بأن يكون هناك حزب ليبرالي حر، يؤمن بحرية الرأي والتظاهر وحقوق المواطنين».. هكذا لخص مؤسس الحزب المهندس نجيب ساويرس، فلسفته حول الخلاف الذي اندلع، وأثمر عن انشطار الحزب لجبهتين تتنازعان على الشرعية فيه، الأولى يتزعمها عصام خليل رئيس الحزب، والأخرى تؤيد الحق الأدبي والمعنوي واللائحي لـ«ساويرس».


الصراع الأيديولوجي
رمزية الفكرة تولد دائما الطاقة الاحتجاجية، ربما يفسر هذا المبدأ غضب «مجلس الأمناء» من انحراف الحزب عن شعارات ثورة 25 يناير «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية».

وبات واضحا أن أطراف الأزمة في الحزب أبعد من حصرها في خلافات شخصية أو إدارية فقط، فتركيبة أعضاء الحزب نفسها اختمرت بشدة، لتخلف نوعا من الصراع الأيديولوجي بين «ساويرس» الذي لا يفوت مناسبة إلا ويحسب نفسه فيها على ثورة يناير، رغم كل ما أصابها من تشوه على مدار السنوات الماضية، و«جبهة الرئاسة» التي ترى في تأييد السلطة «الدولة» -من منظورها- دفئا مطلوبا للاستمرار، في ظل عواصف سياسية واجتماعية كفيلة بتجميده، وإحالته للأرشيف بجانب الأحزاب الكرتونية التي ذبحتها الجرأة، فصارت ذكرى مثقلة بالخطايا.

تضارب المرجعية
المثير في أزمة المصريين الأحرار، أنه من الصعب تحديد المرجعية الفكرية والسياسية لعصام خليل رئيس الحزب، الذي يؤكد دائما للمقربين منه أنه يؤمن بالتيار المحافظ، ومع ذلك يرأس حزبًا ليبراليا، وكذلك نصر القفاص، «أمين إعلام الحزب» وأحد أهم أطراف الصراع في جبهة خليل، الذي بدأ حياته ناصريا، ثم ظهر مؤيدا لعبد المنعم أبو الفتوح في انتخابات رئاسة الجمهورية في 2012، ومؤخرا انضم للمصريين الأحرار بزعم تأييده لليبرالية.

بينما يمثل علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان، أو «ضابط التعذيب» حسبما يسميه ساويرس دائما، حالة خاصة في الصراع مع ساويرس، بعد أن كشف الأخير السجل الحقوقي للضابط السابق بوزارة الداخلية، والذي يتنافى مع موقعه الجديد في البرلمان، وهو السبب الذي دعا مؤسس الحزب لإعلان اعتراضه على تولي «عابد» للجنة مفترض أن ضمن مهامها التنقيب عن حقوق «سجناء الرأي والثورة».

جرس إنذار
لم يكن صراع ساويرس وخليل الأول من نوعه، بل سبقه اعتراضات واضحة من الرموز الليبرالية للحزب، والتي اصطدمت بالصمت السياسي المحافظ لـرئيس الحزب، وعلى إثرها توالت الاستقالات، ومن قامات كبيرة، على رأسهم الدكتور عماد جاد المفكر السياسي، والدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس مجلس الأمناء السابق، الذي أنهى علاقته بالمصريين الأحرار، اعتراضًا على طريقة إدارة الحزب.

الانتصار للشرعية
ومن جانبهم، رفض العديد من المؤيدين لاستمرار الاتجاه الليبرالي تعديل لائحة الحزب خلال مؤتمر الجمعية العمومية الشهير، في 30 ديسمبر الماضي، دون إنذار مسبق، ما يخالف اللائحة التي تفرض على رئاسة الحزب عرض النص المقترح للتعديل أولا على مجلس الأمناء، بل أخذ موافقته للحصول على شرعية القرارات الجديدة، وفقًا لنص المادة 59 من لائحة النظام الأساسي للحزب، التي تشير إلى دور مجلس الأمناء المحوري في صناعة القرارات المصيرية بمنتهى الوضوح.

نهاية وبداية
يواصل حاليا نجيب ساويرس إجراءات التمكين، فبعد اللجوء للجنة شئون الأحزاب للفصل في النزاع بين مؤسس الحزب ورئيسه، لإعادة المصريين الأحرار إلى مساره من جديد، يسعى ساويرس لإبطال قرار فصله من الحزب، عبر رفع دعوى قضائية أمام محكمة القاهرة الأمور المستعجلة، لوقف الممارسات غير القانونية لرئيس الحزب عصام خليل، بحسب توصيف ساويرس، الذي يبدو أنه مستعد لتجاوز درس قاس سبقته إليه كافة الأحزاب التي أقعدتها الخلافات عن الحركة، فآمنت بشعار: لا تصدق أن كل النهايات حاسمة.
الجريدة الرسمية