هل كلنا فاسدون!؟
الرقابة الإدارية تضبط يوميا قضايا رشوة ووسائل الإعلام تهتم فقط بالمرتشين والراشين الفاسدين وتنشر أخبارهم وحتى علاقتهم الأسرية والاجتماعية وتنسى أو تتناسى الشرفاء في القضية وهم المبلغون.. صحيح بعضهم يرفض ذكر اسمه ولكن الإعلام يركز فقط على الفاسد رغم أن القبض عليه كان بسبب رجل شريف أبلغ عنه.. ولولا المواطنين الشرفاء ما استطاعت الأجهزة الرقابية والأمنية القيام بعملها..
الفساد مثل النقطة السوداء في الثوب الأبيض تلفت الأنظار إليها رغم صغرها وتحجب الرؤية عن الثوب كله وإذا كان هناك آلاف الفاسدين فلدينا ملايين الشرفاء الذين يؤدون عملهم بكل إخلاص دون انتظار لأي مقابل وبسببهم مازلنا على قيد الحياة رغم التحديات التي تواجهنا داخليا وخارجيًا..
أقول هذا بمناسبة مشكلة جامعة الدلتا مع المسئولين في الدقهلية الذين رفضوا تنفيذ قرارات مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للاستثمار الذي يرأسه رئيس الجمهورية بأحقية الجامعة في شراء الأرض المقامة عليها بحجة حماية المال العام وكأن محافظ الدقهلية السابق كان أكثر حرصًا على المال العام من مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للاستثمار، ولم يكتفِ بذلك بل قام بتسريب هذه القرارات إلى وسائل الإعلام لعمل رأي عام ضد المشروع وأصحابه وإظهارهم بمغتصبي أرض الدولة، وكذلك تجنيد نواب البرلمان لتقديم طلبات إحاطة ضد المشروع..
كأن مشكلات الدقهلية كلها انتهت من سوء خدمات ومرافق ونظافة وبطالة وصحة وتعليم وفقر وأسعار واعتداء على الأراضي الزراعية واحتلال للشوارع والأرصفة وكذلك مشكلات المناطق الصناعية والفلاحين ومدينة المنصورة الجديدة والـ 8 آلاف فدان صحراء في جمصة كل هذه مشكلات تركها مسئولو وإعلاميو ونواب الدقهلية وتفرغوا إلى هدم جامعة الدلتا (النقطة الوحيدة المضيئة)..
الكل يخشى الدفاع عنها خوفا من الاتهام بالاستفادة وشبهة المصلحة وكأننا أصبحنا جميعا فاسدين ومأجورين وعلى رأسنا بطحة ولا يوجد بيننا شريفا يقول كلمة الحق بدون مقابل، فأصحاب المشروع يتلقون الطعنات من كل الاتجاهات ولا يجدون من يقف بجوارهم رغم أنهم على حق وأقاموا مشروعا يستحقون عليه الدعم والمساندة والتكريم..
الغريب أيضا في هذه الأزمة أن الهجوم يأتي من بعض وسائل إعلام مملوكة لرجال أعمال المفترض فيهم تشجيع الاستثمار لأنهم أحيانا يكتون بنفس النيران ويسخرون صحفهم للدفاع عنهم حقا وباطلا، أما النواب فبعضهم تعامل مع الأزمة بناء على معلومات مشوشة أو يسعى لإنشاء جامعة خاصة في نفس المنطقة والبعض الثالث استثماراته وأولاده في الخارج وربما يحملون جنسيات أجنبية ولا يفرق معهم هروب الاستثمار من عدمه، وعموما جميعهم لا يجرؤ المساس بالجامعات الأجنبية التي حصلت على أراضٍ في القاهرة بأسعار زهيدة وبالمرافق وتتقاضى رسومها بالدولار وتحول بعضها خارج البلاد..
الدولة تمنح المصدرين دعما (دعم الصادرات) حتى تشجعهم على التصدير فمن باب أولى حماية المستثمرين الجادين والإسراع في حسم مشكلاتهم ولا تتركهم في متاهة دهاليز المحاكم والبرلمان والإعلام مما يؤثر سلبيا على سمعة مصر الاستثمارية والتي هي أصلا سيئة فنحن من ضمن أسوأ 20 دولة جاذبة للاستثمار، الأرض لمن يعمرها مبدأ في الشريعة الإسلامية هدفه تشجيع التنمية والبناء والتعمير..
لأنه ليس على رأسي بطحة فسوف أظل مدافعا عن أصحاب جامعة الدلتا لأنهم لم يقوموا فقط بتعمير الأرض ولكن ايضا توفير آلاف فرص العمل والتعلم حتى لو كانوا مغتصبي الأرض(وهم ليسوا كذلك) فالوقوف بجوارهم واجب وطني، والاستثمار قضية حياة أو موت والمستثمر الأجنبي لن يأتي إذا كان المحلي يعاني ولذلك حرص رئيس الجمهورية على رئاسة المجلس الأعلى للاستثمار بنفسه، ولكن كل جهوده قد يفشلها صغار الموظفين في المحليات واللهم احفظ مصر..
egypt1967@yahoo.com