رئيس التحرير
عصام كامل

التعديل الوزاري.. واللي على راسه بطحة!


تتملكني الحيرة كثيرًا كلما أعلن عن تعديل وزارى، وتزداد حيرتى على الآمال الكبيرة التي تعقد على هذا التعديل لدى المواطن البسيط، والغريب الذي أصبح أمرًا معتادًا أن التعديل الوزاري في كل مرة يظل أحيانًا لشهور قبل حدوثه حديث الجميع، وبالتالي يتوقف دولاب العمل في الوزارات المرشحة تغيير وزرائها، والواقع يؤكد ويقول نحن لا نتعلم من ماضينا، نتحدث عن أننا أقدم في التاريخ وأننا أصحاب الريادة في كل شىء، وعلى أرض الواقع لا نجد شيئًا من هذا، بل نجد العكس تمامًا، والسؤال الذي أطرحه على نفسى والأصدقاء، هل التعديل الوزارى هو فرض أم سنة يمكن عدم العمل بها؟ وهل هناك معايير لهذا التغيير؟ وهل هناك فروق بين الفكر الذي ينتهجه أهل الحكم لدينا منذ جاء السادات وحتى السيسي!؟


نعم.. تم استثناء فترة ما قبل الرئيس السادات، لأنها فترة أشبه بفترة التجربة التي جاءت بعد ثورة 1952 وفيها الكثير من الأحداث التي فرضت نفسها على صاحب القرار، فمن يصدق أن يكون أول وزير خارجية لمصر بعد حركة الجيش كان د.محمد صلاح الدين (الوفدى)، وكان على ماهر راعى الملك فاروق أول رئيس وزراء بعد قيام حركة الجيش، وهناك فترات كان عبدالناصر وزيرًا للداخلية، وجمع بين الرئاسة ورئاسة الوزراء، كانت فترة أقرب إلى حقل التجارب، كل قيادة الثورة فريق من الشباب وبالتحديد في النصف الأول من الثلاثينيات، ولهذا كانت المقارنة بين فترة الرئيس السادات حتى الآن، التي من المفترض أن تكون أفضل كثيرًا ولكنها للأسف ربما الأسوأ!

أرجو من الصديق القارئ ألا يشعر بالملل عندما يجد ما يكتب مكررًا ويعاد كل فترة وأخرى، فربما التكرار يفيد أهل الحكم في بلدنا، في عصر كان ينتهج سياسة غريبة، وهى التغيير الدائم وفى فترات قصيرة، وعندما سألت أحد الساداتين وهو أيضًا مؤرخ عن السبب في ذلك قال: كان السادات على اعتقاد أن كل الوزراء سواء، ولن يقدم مجيء وزير أو وذهاب آخر طالما ما ينفذ على الأرض الواقع محدد سلفًا، والهدف الحقيقى من تغيير وتبديل الوزراء هو إشغال الرأي العام وربما يكون هذا مبعثًا لديهم للتفاؤل، وبالتالى كان عمر الوزير في فترة الرئيس السادات قصيرًا للغاية، أما عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فقد كان العكس تمامًا، وجدنا وزيرًا يتجاوز عشرين عامًا، وآخر خمسة عشر عامًا، ورابعًا أكثر من عشر سنوات....إلخ

والمدهش أن الوزير الذي ينتقده الرأي العام كان حسنى مبارك يمارس العناد ولا يغيره، وكان يرى أن استمرار الوزراء أخف الضررين، وللعلم إن شائعات التعديل كانت دائمة لا تنتهى أيضا، أفرزت هذه الحقبة خلايا سرطانية للفساد في جميع مفاصل الدولة، وبالتالى استشرى الفساد الذي وضعت بذوره في منتصف السبعينيات ووجد البيئة الصالحة للنمو والتكاثر في عصر مبارك.

وبالرغم من حدوث زلزال 25 يناير، وثورة 30 يونية فإننا لا نتعلم، من يصدق أنه في ست سنوات تولى رئاسة الوزراء ست رؤساء وزارة، حدث فيها أكثر من 12 تعديلا، وهناك وزارات تولاها ما يقرب عن 10 وزراء -الثقافة مثلا- والذي يجعل الأمر مثيرا للجدل هو أن المجموعة الاقتصادية دائمة التغيير والتبديل، ولا يحدث جديد في النهاية!

لقد تم تغيير وزير التخطيط بالرغم من شهادة الكثيرين له بالكفاءة، وتم تغيير وزير النقل الذي يعد متخصصًا في مجاله، وتم الإبقاء على وزراء ما أنزل الله بهم من سلطان، ومن طرائف اختيار التعديل الأخير أن يأتى بمن عليهم علامات استفهام، أشهرهم وزير الزراعة التي يتردد أنه محاط بثمانية عشر قضية فساد، ويبدو أن وزارة الزراعة أصبحت من أحد أهم أكبر بؤر الفساد في الوزارات، وهناك وزير آخر محاط بقضيتين الأولى حصوله على مليونى جنيه مكافآت في عام، والقضية الأهم تهريب وثائق تم ضبطها في المطار وكان من لجنة تسلم هذه الوثائق وزير سابق.

وهنا يحتار المواطن البسيط مع معطيات الدولة من الذي تصدرها له، أهو تغيير للأفضل أم الأسوأ؟ إلى هذا الحد نعجز عن وضع معايير وضوابط تجعل المجتمع مطمئنًا إلى حد كبير أن قيادته تغير من أجله !؟

أعيد وأكرر قصة رويت عن الرئيس أنور السادات عندما كلف اللواء ممدوح سالم رئيس الوزراء بتغيير أحد الوزراء، فقدم سيرة ذاتية لأحد المرشحين، فإذا يجدها السادات ممتازة، فقال لممدوح سالم: إيه يا ممدوح ده سيرته نظيفة قوى.. خدها".... "وهاتها تانى" !

عفوًا لم أستطع كتابة اللفظ ولكن السادات يريد أن تكون السيرة غير نظيفة، لكن يستطيع السيطرة عليه؛ لأن الذي على رأسه بطحة لا يستطيع أن يكون صاحب قرار أو رأي، وبالرغم من أن هذه القصة ربما لا تكون حقيقية، ولكن الواقع يؤكد معناها والمغزى المؤلم!
كل تغيير وزارى وإحنا طيبون.
الجريدة الرسمية