رئيس التحرير
عصام كامل

حكومتنا الُملهَمة


بدأت حكومتنا المُلهَمة بالتصريح عن نيتها، في تطبيق مرحلة جديدة من مراحل رفع الأسعار التي لا تنتهي، مثل أسعار الوقود، والكهرباء، وبالطبع سترتفع معها كل أسعار السلع، كل ذلك يحدث في ظل استقرار، واحتفاظ رواتب العاملين، في كل قطاعات الدولة التي لا تسمح لتلك الرواتب بالارتفاع هي الأخرى مثلها مثل بقية السلع التي تأبى الاستقرار بدورها، وتُصر على مواصلة الارتفاع بشكل جنوني يُنذر الجميع ما عدا الحكومة، بكوارث بات وقوعها أمرًا وشيكًا.


فحكومتنا المُلهمة كما يقول المثل.. أذن من طين وأخرى من عجين، فهي لا تُلقي بالًا لأوجاع المواطن المصري، وتراهن على مخزون الصبر، بداخله الذي قارب هو الآخر على النفاد.. لم يعد خافيًا بل أصبح في حكم المؤكد أن حكومتنا المُلهمة لا تقرأ شيئًا من التاريخ، وحتى لو كانت تقرأ، فالواضح أنها لا تريد أن تعي أو تتعلم منه شيئًا.

فلم تقف حكومتنا لحظة واحدة لتسأل نفسها، سؤالا مهما وهو: ما الذي قدمته لشعب مصر خلاف الديون، والقروض التي لن يسدد فاتورتها سوى الشعب وأحفاد أحفاده بالإضافة إلى العديد من الأزمات.. هذا إلى جانب نقص السلع وغياب الرقابة ونقص الأدوية وبالطبع كارثة زيادة الأسعار الجنونية بشكل يومي؟

لكن بالرغم من كل ذلك، فقد أجابت بنفسها عن السؤال إجابة عملية دون أن تدري.. فعزمت على التقدم بمشروع لزيادة رواتب ومعاشات الوزراء!

فالحكومة التي ينعم أعضاؤها برغد وترف العيش سواء من مأكل وملبس ومشرب ومواكب وحراسات، والتي نسيت أننا فقراء، وفقراء جدًا تُطالب لنفسها بزيادة الرواتب والمعاشات!
أما المواطن المصري..
أما المواطن المطحون..
أما المواطن المقهور..
الذي بات يأكل لحم الحمير، وتذوق أخيرًا لحم الفئران، وهياكل الدجاج، والذي بات يبحث عما يسد به رمقه بين أكوام القمامة، وكذا الموظف، الذي لم يعد راتبه يكفي الحد الأدنى من متطلبات الحياة الآدمية، فلا حق، له في أي زيادة، لمواجهة أعباء الحياة.. فالمواطن لم يعد له أي حق في تخفيض الأسعار.. ولا حق له في العيش الكريم.

لقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة للإحصاء أن 55% من شعب مصر قد أصبحوا تحت خط الفقر، وذلك لا يُنبئ إلا بشيء واحد أن هناك انفجارا خطيرا على وشك الحدوث، والذي يمكن أن نطلق عليه بكل أريحية، اسم..
ثورة الجياع.. لو لم تتدارك الحكومة الأمر قبل فوات الأوان..

وكم أتمنى أن تستمع حكومتنا المُلهَمة إلى هذه النصيحة المخلصة، ولو لمرة واحدة في تاريخها، حفاظًا على كيان الدولة الذي أصبح مُكبلًا بمشكلات تنوء الجبال بحملها.

فهل ستنصت الحكومة لتلك النصيحة المخلصة؟
هل ستهتم بهموم المواطن المصري، أكثر من اهتمامها بالتشكيل الوزاري الذي لن يأتي بجديد؟
أم ستتقدم باستقالتها في يوم من الأيام رحمة ورأفة بشعب مصر العظيم؟
(لك الله يا مصر).
mahmd.noor@gmail.com
الجريدة الرسمية