رئيس التحرير
عصام كامل

عفوا.. نحن ننعش ذاكرة الدكتور كمال أبو المجد.. الحقيقة الكاملة عن خطاب المفكر الإسلامي لسوزان مبارك خلال ثورة يناير.. «بديع» كلفه بالتواصل مع حرم الرئيس لـ«مسك العصا من المنتصف»

 المفكر الإسلامي
المفكر الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد

أدلى المفكر الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد، بتصريحات للزميلة «الشروق»، حول الخطاب الذي سلمه لسوزان مبارك، خلال أيام ثورة يناير، بتكليف من مرشد الإخوان محمد بديع، والذي نشرته «فيتو» في سبتمبر 2015، ويفضح الطريقة التي كان يتعامل بها الإخوان مع ثورة 25 يناير منذ اليوم الأول لاندلاعها.


ويبدو أن الوقت، الذي نشرت «فيتو» فيه الخطاب، لم يكن ملائما لأن يعلن المفكر الإسلامي عن تفاصيله، خوفا من أن يواجه رأيا عاما غاضبا من الإخوان.

وحرصا من الرجل على أن يكون دائما «بين بين»، أو كما يطلق عليه البعض «رجل كل الأنظمة»، قال المفكر الإسلامي في تصريحاته لـ«الشروق» إن سوزان مبارك هي التي طلبت منه كتابة رأيه عن أسباب الأزمة وطرق الخروج منها.

إلا أن ما نشرته «فيتو» في 2015 يؤكد أن الخطاب جاء بتكليف من مرشد الإخوان، فبعد أحداث جمعة الغضب وما خلفته من شهداء، اجتمع قيادات جماعة الإخوان بمقر مكتب الإرشاد بالمقطم برئاسة الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة للتباحث حول ما آلت إليه الأوضاع، ورأوا أن الأزمة تتفاقم ولا بد من التدخل حتى لا تفقد الجماعة كل شيء، خاصة أنها كانت قد أعلنت أنها لن تشارك في المظاهرات التي دعا لها بعض النشطاء.

وقرر المجتمعون ضرورة أن تدخل الجماعة قصر مبارك لتأخذ من هذا الدخول خطا دفاعيا تستخدمه إذا ما فشلت المظاهرات التي تحولت لثورة.

وكان القرار أن يطلب الدكتور محمد بديع من الدكتور أحمد كمال أبو المجد كتابة خطاب رقيق في تعبيراته ويتضمن بعض النصائح والمشورة التي يقدمها «أبو المجد» باعتباره صاحب خلفية إخوانية لإنقاذ عائلة مبارك من نار الثورة، على أن يتضمن هذا الخطاب سردا لبعض الأخطاء بعيدا عن خطايا مبارك خلال مدة حكمه.

كما طلب بديع من «أبو المجد» أن يتضمن الخطاب بعض النقد دون الدخول في صلب الموضوع، وأن يشجع الرئيس مبارك على الاستمرار، ويجب أن يتضمن عبارات التفخيم لسوزان مبارك وأسرة الرئيس.

تمت صياغة الخطاب وتوجه به "أبو المجد" لقصر العروبة، بعدما كان قد طلب من المهندس "ماجد الشربيني" أمين التنظيم السابق للحزب الوطنى المنحل تحديد موعد له مع قرينة الرئيس لأمر مهم؛ وذلك نظرا لكون والد الشربيني كان من المقربين للإخوان وتربطه علاقة وطيدة بأحمد كمال أبو المجد.

وقتها تحدث الشربيني مع جمال مبارك الذي أقنع والدته بلقاء "أبو المجد"، وتوجه الفقيه القانونى المعروف للقاء قرينة الرئيس الأسبق في قصر العروبة في نفس الوقت الذي كان ميدان التحرير يشهد موقعة الجمل التي راح ضحيتها عشرات الشهداء.

وفى قصر العروبة كان هناك العديد من رجال مبارك استقبلوا أبو المجد وأدخلوه إحدى الغرف التي كانت تتواجد بها قرينة الرئيس ونجلها "علاء" إضافة إلى الكاتب الراحل "عبد الله كمال" الذي حضر اللقاء وكان يدون ملاحظاته عما يطرحه "كمال أبو المجد" من أفكار لإنقاذ القصر من الثورة..

وقتها كان العديد من المقربين من عائلة مبارك على علم بهذا اللقاء وكان على رأسهم عبد اللطيف المناوي.

وفي اللقاء اكتفت سوزان مبارك بالإنصات والسماع لما يطرحه "أبو المجد" على مدى ساعتين كاملتين وفى النهاية شكرته وأبلغته شكر الرئيس مبارك وتقديره لمجهوداته وأنهم سيتواصلون معه لاحقا، فيما قام "أبو المجد" بتسليم خطاب مكتوب لسوزان مبارك، تم نسخه وإعطاء النسخ لممثلين عن بعض الأجهزة السيادية.

وحينما وصل الخطاب وتفاصيل اللقاء للراحل اللواء "عمر سليمان" نائب رئيس الجمهورية السابق رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق غضب كثيرا، واعترض على اللقاء وقال "كيف يتم ذلك وأنا لا أعرف، أبو المجد يبحث لنفسه عن دور ومصداقيته مشكوك فيها".

ومن لغة الخطاب الذي وجهه أبو المجد لسوزان مبارك وترك لها نسخة منه تظهر كم الحميمية والرقة في اختيار المرادفات، وتأكيد الرجل أنه يهدف لإنقاذ النظام من السقوط.

«أبو المجد» -مع حفظ الألقاب- رجل متعدد المواهب والوظائف يميل كلما مالت كفة تيار ليصبح أحد قادته، الرجل لا يستقر على اتجاه، وآراؤه متغيرة وفقا للأحداث، فتارة تراه يتجه أقصى اليمين، وتارة أخرى يهرول ناحية اليسار بسرعة البرق، للدرجة التي تدفعك للدهشة.

في زمن «عبد الناصر» كان قوميا عروبيا، وحينما جاء السادات تحول إلى رجل يشجع سياسة الانفتاح والتوجه صوب البيت الأبيض وحينما اعتلى مبارك سدة الحكم كان مباركيا يتباهى بخطابات الشكر التي يتسلمها من نظام مبارك، وحينما قامت الثورة كان منحازا لها معددا لخطايا مبارك وزبانيته وفى نفس الوقت كان حمامة سلام بين الإخوان ونظام مبارك في الأيام الأولى للثورة يحمل رسائل الجماعة للرئيس المخلوع وحرمه، وبعد سقوط النظام المباركي كان قياديا إخوانيا بجدارة، وحينما سقط الإخوان خرج ليؤكد أنهم ارتكبوا خطايا في حق هذا الشعب، وحينما ارتفعت شعبية السيسي كان من المهللين له، وبعدما أدار السيسي ظهره له هاجمه ووصفه بالمخيف!

مجموعة لا متناهية من المتناقضات هي حصيلة التاريخ السياسي والفكري الذي يتباهى به «أحمد كمال أبو المجد» الذي يستحق عن جدارة لقب «سوبر مان المتناقضات».

للاطلاع على نص الخطاب الذي نشرته «فيتو» في 2015 اضغط هنا

الجريدة الرسمية