الطلاق بين الشفوي والتحريري.. ولعب العيال!
منذ أقل من عام كتبت هنا أحذر وأنبه من خطورة تزايد نسبة الطلاق والتي وصلت وقتتها إلى 35% في الزيجات الحديثة خاصة، وكتبت أن من أسباب الطلاق انعدام الوعى والتربية التي تنمى المسئولية لمواجهة الحياة بحلوها ومرها، وها هي نسبة الطلاق وصلت إلى 40% كما أعلن منذ أيام، وعندما أشار الرئيس السيسي لخطورة هذا الأمر، سارع مجلس النواب إلى طرح مشروع قانون يلزم الزوج بأن يكون الطلاق مكتوبا وليس شفهيا فقط، وحتى لا يؤخذ كل يمين وصاحبه منفعل.
جاءتنى صديقة تحمل مشكلة شقيقتها، أنها تعيش على جمر من النار، سبق أن طلقت عدة مرات وتذهب مع زوجها إلى دار الإفتاء، ويدعى الزوج أنه لم يكن يعى ما يقول، وأنه لم يقصد طلاق زوجته في لحظة الغضب، ويخرج الزوجان من دار الإفتاء سمنا على عسل، وكأن شيئا لم يكن، والحقيقة أنه كاذب، وهى لا تريد الطلاق لأسباب عدة أهمها أنه فاحش الثراء، هو يكذب لأنه زير نساء، وهى تعلم أن عدد مرات الطلاق تجاوز الثلاث بكثير، ولأن هناك غرضا في نفس كل منهما يضحكان على أنفسهما، هو يريد استمرارها كزوجة لتكون مربية لأولاده الثلاثة، وتكون محل متعة إذا أراد في أي وقت، وهى تريد ماله وتدرك تماما أن حاله لن يستقيم!
تستكمل الصديقة مشكلة شقيقتها قائلة: آخر مشكلة أنه طلقها في التليفون، وكان يقول لها أنا لست عصبيا ولا متوترا ولا أي حاجة، أنتِ طاااالق.. طاااالق... ويبتسم ويضحك بصوت عال ساخرا! ذهبت إلى دار الافتاء التي أصبحت زبونة دائمة لديهم، وعرضت المشكلة وظهر في أرشيف دار الافتاء أنها ليست المرة الأولى بل تجاوز عدة مرات، فطلب منها ضرورة حضور الزوج، وطبعا الزوج رفض الذهاب لدار الافتاء، وقال لها أنا محام وأعرف أتصرف كويس.
وقبل الخوض في المشكلة الأولى أروى مشكلة أخرى، زوجة طلقت بعد ثلاث طلقات وانفصلا، تماما وبعد شهور تقترب من العام، عاد الرجل ليقول لها أنه لم يقصد وأنه كان منفعلا وأنه يريد إعادة الأمور إلى مجاريها، وذهب إلى أحد الشيوخ وأحضر لها فتوى تؤكد صحة عودتهما لبعض وأن اليمين الثالث بالرغم من وجود شهود كان منفعلا!
الطريف أن الأصوات التي تعترض على السيسي سواء من اليسار أو اليمين المتطرف، لأول مرة تؤيده في عدم الأخذ بالطلاق الشفوى والاتفاق على أن يكون لدى مأذون أو محام أو محكمة أي لابد أن يكون مكتوبا، ولا أدرى لماذا هذه المرة لم ينتقدوا السيسي؟ لأن الأمر جاء على الهوى وليس للدين، ولأول مرة يؤيدونه في مواجهة جهة متخصصة وهى مؤسسة الأزهر!
يقول الشيخ محمد متولى الشعراوى: على كل مسلم أن يدرك أن الطلاق ليس لعبة أو سهلا حتى تنطق الكلمة، ولهذا لابد أن يمسك لسانه، ويتعلم أن الكلمة تحمل معنى وقيما وبنيان حياة وعلى من يتعامل معها باستهزاء لابد من دفع الثمن ويتحمل تبعات استهتاره!
وتقول د.سهير لطفى رئيسة المركز القومى للبحوث الجنائية الأسبق: الكيان الصهيونى من أكبر مصادر المخدرات، وأكبر مصدر لنا كعرب، وبالرغم من هذا من أقل أو بالفعل أقل مجتمع يتعاطى المخدرات، وعن الدراسات والأبحاث التي أجريت على هؤلاء، وجد أن السبب الحقيقى للبعد عن المخدرات، هو إدراك المخاطر التي يمكن أن تهدده ليس كفرد فقط ولكن المخاطر التي يمكن التي يمكن أن تهدد المجتمع أيضا، وبالتالى الطريق الأهم والأقصر للقضاء على المخدرات هو الاقتناع بمخاطرها!
من هنا نؤكد أن الحل الأمثل لتقليل نسبة الطلاق ليس كما يتصور البعض بتغليظ العقوبات فقط، أو بأن يكون كتابيا أو مسجلا في الشهر العقارى، ولكن زيادة التربية القائمة على أسس سليمة قوية لمواجهة تبعات الزواج الصعبة، وإدراك حقيقة المخاطر التى تأتى بسبب الطلاق، وليعلم الزوج أن كلمة الطلاق لها حرمة وقداسة وليست لعبة يتسلى بها كلما أراد العبث!
الطلاق تحكمه معايير وضوابط في جميع الرسالات السماوية وليس موضة أو قصة شعر يفتى فيها كل من هب ودب!