سفير مصر السابق بروسيا: «ترامب ليس له كتالوج».. وقطر ليست سوى فقاعة هواء
- *عودة العلاقات مع إيران مرهون بتخليها عن نشر التشيع
- *الرئيس السيسي نجح في تقوية علاقاتنا بدول الاتحاد الأوروبي
- *العلاقات المصرية السعودية ستعود إلى صفائها قريبا
- *ضربات "بوتين" العسكرية لمواقع الإرهاب بسوريا فضح الغارات الأمريكية الوهمية
- * إذا تم التخلص من "نظام الأسد " ستستولى أمريكا والعناصر الإرهابية على سوريا
- * عقبات عدة ستواجه مفاوضات الأستانة المقبلة
- * روسيا تقدمت بمشروع دستور يهدف إلى علمنة سوريا وطمس هويتها العربية
- *أمريكا تسعى لتقليم أظافر روسيا بتجريدها من مناطق نفوذها في الشرق الأوسط وآسيا
- *روسيا وأمريكا تدركان تماما رفض مصر القاطع لوجود أي قوات أجنبية على أرضها
- * عودة السياحة الروسية مرهون بتقديم كافة التدابير الأمنية اللازمة
- * الحفاظ على مصالح مصر سيرسم ملامح العلاقات المصرية الأمريكية
أدار
الندوة : مصطفى بركات - إيمان مأمون
أعدتها
للنشر : سمر الوردانى
أربعون عاما قضاها في الخارجية المصرية عمل خلالها دبلوماسيا وسفيرا لمصر في بلدان عدة، منها: جنيف بسويسرا، وأورسو ببولندا، أثينا باليونان، وشيلى، وبغداد، كما شغل أيضا منصب القنصل العام بالولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن أهم وأطول فترة تلك التي قضاها سفيرا لمصر بموسكو، حيث كانت له إسهامات قوية في تحريك المياه الراكدة بالعلاقات المصرية الروسية التي أصابها نوع من التجمد منذ واقعة طرد الخبراء الروس من مصر إبان حرب أكتوبر المجيدة، إنه السفير نبيل العرابى، الذي فور استلام منصبه عام 1992 أعاد طائرات شركة مصر للطيران إلى سماء روسيا، وافتتح مكتبا للسياحة بمقر السفارة، ما فتح الباب إلى زيارة ملايين من السائحين الروس إلى مصر وخاصة شريط البحر الأحمر، «العرابى» حل ضيفا على صالون فيتو ليفتح العديد من الملفات منها التواجد الروسى بالمنطقة العربية ودلالته، ودوره في قيادة دفة المفاوضات بين الأطراف المتنازعة في البلدان التي عمل سفيرا بها، كذلك تحجيم الدور الأمريكى وكشف تحركاته لتقوية شوكة الإرهاب بسوريا،، وغيرها من القضايا المطروحة على الساحة العربية - الروسية، وإلى أهم ما جاء بالندوة:
*بداية كيف تقيم الدور الروسى الذي تلعبه في المنطقة وخاصة بسوريا؟
أوضح أن الدور الروسى بالمنطقة بدأ منذ خمسينات القرن الماضى، حيث جمعت مصر وسوريا بالاتحاد السوفيتى -آنذاك- علاقات طيبة، خفتت عقب حكم أنور السادات في مصر، ولكن استمرت مع الجانب السورى، حتى زدادت قوة خلال الأزمة السورية، واستطاع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لعب دورا ذكيا، بعد أن أعلنت أمريكا عن تشكيل قوة لمحاربة العناصر المسلحة في سوريا بشكل صورى، أما في الحقيقة، فإنها عملت على تمكين تلك العناصر على الأرض، بغرض إزاحة بشار عن الحكم، وهنا جاء الدور الروسى في شكل ضربات قوية ضد الجماعات الإرهابية في سوريا، والتي كشفت بدورها عن مدى تمسك بوتين بنظام بشار الأسد، وفضح صورية العمليات العسكرية الأمريكية ضد الإرهاب، وإحداث تواجد قوى في سوريا على الأرض ردا على العبث الأمريكى، بما يحفظ لها مقعدا ثابتا في مفاوضات الأطراف المتنازعة بسوريا.
*وما مصير تلك المفاوضات خاصة وأن نزيف الدماء مستمر بسوريا ؟
أعتقد أن كل الأطراف المتنازعة في سوريا ستدرك في لحظة ما أن الحل الوحيد أمامهم هو الجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد حل سلمى يوقف نزيف الدم، وهذا ما كان يراه الجانب المصرى منذ أول لحظة بتمسكه ببقاء بشار الأسد في سدة الحكم حتى لا تقع سوريا فريسة التقسيم، ثم إيجاد حل وسط يرضى الأطراف بعد ذلك.
*على فرض مغادرة بشار الأسد الحكم، كيف سيكون المشهد في سوريا ؟
إذا تم التخلص من نظام " بشار الأسد" ستئول مقاليد الأمور إلى أمريكا والعناصر الإرهابية، لذلك كان لابد من وجود قوى تدعم نظام بشار الأسد في مواجهة التوغل الأمريكي.
*وماذا عن المفاوضات المرتقبة بالأستانة بين الأطراف المتنازعة التي تنتظر نصيبها في الكعكة السورية ؟
عقبات عديدة تنتظر المعارضة السورية على اختلافها في مفاوضات الأستانة القادمة، منها تبادل الاتهامات حول الطرف المسئول عن خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وتصريحات محمد علوش المتحدث باسم المعارضة السورية التي طالبت بشار الأسد بسحب الميليشيات الروسية من سوريا كشرط لبدء المفاوضات التي رد عليها بشار بتصريحات تصف المعارضين بالإرهابيين، وتقدم روسيا بمشروع دستور مليء بالألغام يهدف إلى علمنة الدولة، وطمس هويتها العربية وغيرها، إضافة إلى تماس القوات الروسية مع القوات التركية على حدود حلب بعد تحريرها من يد المعارضة بما يخلق منطقة توتر جديدة تنذر باشتعال الموقف في أي وقت، وآخر تلك العقبات هو استمرار تأييد أمريكا لموقف الأكراد بشأن الاستقلال ما يثير حفيظة كل من تركيا، إيران، العراق، وسوريا.
*ما دلالة التمدد الروسى في المنطقة العربية وهل هو مرهون بالصراع الأمريكى الروسى قديم الأزل؟ وهل هناك خطر من هذا التمدد على الأراضى المصرية ؟
الصراع بين روسيا وأمريكا يمتد من عدة عقود، وتلقى الحرب الباردة بينهم بظلالها على المنطقة حتى الآن، وستستمر، وهذا يرجع إلى عدة أسباب أهمها إصرار الجانب الأمريكى على أن تكون له اليد الطولى على الأرض، وفى رأس المال بشتى أنحاء العالم، ومحاولاتهم تقليم أظافر روسيا باستمرار وظهر ذلك جليا في محاولات استقلال جوريجيا وأبخازيا -بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية- التي تصدت لها روسيا بقوة، وكذلك أزمة الصورايخ بشرق أوروبا التي تم نصبها في مواجهة روسيا، إضافة إلى إشعال أمريكا الثورة في أوكرانيا، التي تصدى لها بوتين بذكاء وسرعة وأخمدها في مهدها، لذلك كل الأوضاع تشير إلى استمرار الصراع بين أمريكا وروسيا على مناطق النفوذ الروسية ليس فقط في الشرق الأوسط بل أيضا الدول المتاخمة لروسيا خاصة تلك التي كانت تحت لواء الاتحاد السوفيتى، أما فيما يخص مصر فإن كلا من أمريكا وروسيا تدركان تماما حدودهما التي لا يمكن أن يتخطياها وأهمها رفض مصر القاطع لتواجد أي قوات أجنبية على أرضها.
*تتبنى مصر موقف روسيا وحلفها الإيرانى التركى من الأزمة السورية بما يخالف موقف السعودية إضافة إلى موقف مصر السياسي الرافض لأى تقارب مع إيران وتركيا في نفس الوقت، فما رؤيتك لمصير تلك المواءمات
الصعبة في ظل حرص مصر على العلاقات الطيبة مع روسيا من ناحية ومع السعودية من ناحية أخرى ؟
بالفعل هي معادلة صعبة، ولكن لابد أن نواجه هذا الوضع المتشابك بالحكمة السياسية، بما يحفظ علاقتنا الطيبة مع روسيا، والتنمر لأى دور معاد من قبل تركيا وإيران يضر بمصالحنا، فمصر ليس لديها أي موقف سلبى مع الشعب التركى وما زالت العلاقات التجارية قائمة حتى الآن، وينحصر خلافنا في شخص أردوغان وموقفه من الإخوان المسلمين، أما عن إيران فهى دولة عظمى بالطبع وموقفنا الدبلوماسى ما زال على وضعه منذ عشرات السنين دون تغيير، فمصر تضع تنازل إيران عن طموحات نشر المذهب الشعبى كشرط أساسى لبناء علاقات جيدة معها، وفيما يخص علاقتنا بالسعودية فما طرأ عليها من توترات وخلافات بسبب تصويتنا لصالح المقترح الروسى في الأمم المتحدة وغيرها ستزول قريبا، وتعود العلاقات مرة أخرى إلى صفائها.
*وهل عودة العلاقات المصرية السعودية إلى صفائها مرهون بـ"تيران وصنافير" ؟
بالطبع لا، فهناك صلات أعمق بين البلدين والسعودية تتفهم أن القضية منظورة أمام البرلمان وكذلك القضاء إلا أن إدارة الموضوع من البداية كانت غير موفقة.
*ما سر رفض روسيا عودة السياحة إلى مصر حتى الآن بعد أزمة سقوط الطائرة بسيناء، بينما مرت واقعة إسقاط تركيا لطائرتها الحربية بسوريا مرور الكرام؟
لا يصح مقارنة الواقعتين، فإسقاط طائرة حربية من قبل تركيا يختلف عن سقوط طائرة مدنية بها 240 مواطنا روسيا، ففى حالة الطائرة الحربية أثرت الواقعة على الجيش الروسى لكنه سيتم اتخاذ التدابير اللازمة بما يضمن عدم تكرارها مرة أخرى، مع مراعاة التقارب حديث العهد بين البلدين، أما سقوط الطائرة المدنية في سيناء فقد كان له وقع سيئ على الشعب الروسى وعلى بوتين شخصيا ولن يغامر بتكرار الحادثة في عهده، لذلك يجب تقديم كافة التدابير الأمنية اللازمة حتى يطمئن الجانب الروسى على أمن رعاياه في مصر.
*بما تنصح النظام المصرى في تعامله مع سياسة دونالد ترامب؟
الإجابة على هذا السؤال عسيرة لأن "ترامب ليس له كتالوج" كما قال مصطفى الفقى، ولم يكن له خلفية سياسية يمكن تحليلها والاستشفاف منها طريقة إدارته لأمريكا داخليا وخارجيا، ولكن ما يعنينا في الأمر هو الحفاظ على المصالح المصرية في علاقتها مع أمريكا، وحل القضية الفلسطينية، ومدى إيجابية تناول أمريكا مع هاتين النقطتين سيحدد مصير العلاقة بين مصر وأمريكا.
*كيف تقيم جولات الرئيس السيسي للدول الأوروبية وخاصة إيطاليا بعد أزمة ريجينى ؟
صداقتنا مع دول أوروبا أكثر بكثير من العداوات، فقد عقدنا صفقات عسكرية مع فرنسا حصلنا من خلالها على طائرات الرافال وحاملة الطائرات الميسترال، وشهدنا عودة للعلاقات الطيبة مع ألمانيا، وتمديد أواصر الصداقة مع اليونان قبرص، مالطة، والبرتغال، وهناك من يقول لماذا يزور الرئيس دول صغيرة الحجم كقبرص مثلا إلا أن هذا منتهى النجاح الدبلوماسى لتقوية علاقاتنا بالدول الصغرى بما يضمن لنا ظهير في الاتحاد الأوروبي، ونجد دولا تصوت لصالحنا في قرارات الاتحاد الأوروبي حتى لو كانت صغيرة فالرئيس نجح في تقوية علاقاتنا بدول الاتحاد الأوروبي وكذلك إيطاليا رغم توتر العلاقة بسبب قضية الطالب ريجينى على المستوى السياسي والدبلوماسى الفترة الماضية، إلا أن العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين كما هي حتى أن إيطاليا تتولى استخراج البترول لمصر من البحر المتوسط إلى الآن.
*وماذا عن الدور القطرى في المنطقة ؟
قطر تستقوى بأمريكا لكنها ليست سوى فقاعة هواء.