نبيل درويش: إعدام ٢٥٠ ألف كتكوت يوميًا !
رفض «الدكتور نبيل درويش - رئيس اتحاد مربى الدواجن» التهم الموجهة للمربين بالوقوف وراء الزيادة التي شهدتها أسعار الدواجن مؤخرًا، مؤكدًا أن «تعويم الجنيه» وما نتج عنه من ارتفاع سعر الدولار أدى إلى زيادة أسعار المواد المستخدمة في الإنتاج.
وأوضح الدكتور درويش أن سلسلة قرارات بسيطة يمكن أن تتخذها الحكومة لحل أزمة الارتفاع في أسعار الدواجن، مثمنًا تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة الجمارك المفروضة على الدواجن المستوردة.. تفاصيل أخرى في الحوار التالي:
> أزمة رفع الجمارك الأخيرة كشفت عدم وجود قاعدة بيانات لصناعة الدواجن بمصر.. أليس ذلك صحيحًا؟
بالفعل.. لكن الدولة هي المسئولة عن جمع قاعدة البيانات للصناعات الوطنية، واختصاص ذلك لدى وزارة الزراعة التي يقع على كأهلها التخطيط لتطوير الصناعة بمشاركة من الاتحاد، لكن رغم ذلك يعمل الاتحاد في الوقت الحالى على إعداد قاعدة بيانات متطورة وشاملة لصناعة الدواجن في مصر، فالبيانات لم تحدث منذ سنوات، وآخر إحصاء لدينا يظهر اشتغال 25 ألف مربى صغير في المجال بإنتاجية من 5 إلى 15 ألف طائر، بجانب 50 شركة كبرى متكاملة الإنتاج من الأعلاف والكتاكيت والبيض والطيور، وسنجرى ممارسة عامة للتعاقد مع شركة إحصاء لوضع قاعدة البيانات بتمويل من صندوق تعويض إنفلونزا الطيور وتطوير الصناعة، بعد موافقة حصلت عليها من مجلس الوزراء.
> لكن لماذا رفعتم أسعار الدواجن بعد إلغاء قرار رفع الجمارك عن المستورد؟
هذا غير صحيح.. وهذه فكرة خاطئة يروجها بعض الإعلاميين لصالح المستوردين الذين خسروا معركتهم للقضاء على صناعة الدواجن الوطنية، التي تعتبر أحد أعمدة الاقتصاد المصري، والحقيقة «الناس مالهاش حق تزعل» من ارتفاع أسعار الدواجن لأنها سلعة تتأثر بمدخلات الإنتاج كغيرها من السلع التي تأثرت داخل الدولة، والارتفاعات الأخيرة التي وصلت لـ20% المسئول عنها هو الزيادة المستمرة في سعر الدولار، والذي تسبب في ارتفاع سعر العلف من 2500 إلى 7 آلاف جنيه للطن، وارتفعت أسعار أضافات الأعلاف وأسعار النقل والسولار والبوتاجاز، وكل ذلك يدفع الأسعار للارتفاع كأى سلعة في السوق.
> إذن لماذا صدر القرار ثم إلغاؤه؟
تم إلغاؤه لأنه كان سيسمح للمستورد أن يحصل على حق الدولة في الجمارك ويضعها في «جيبه»، والرئيس تدخل شخصيا لإلغاء القرار لحماية الصناعة الوطنية وفقا لقانون التجارة الخارجية، الذي يقر بأن من حقى كصناعة وطنية فرض جمارك على المستورد بنسبة 50% وهى الآن 30% بعد أن خفضها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف من 85%.
> لكنكم وعدتم مجلس الوزراء بتخفيض الأسعار أو تثبيتها على الاٌقل؟
الحقيقة أن مجلس الوزراء «فهمنا غلط»، فنحن لم نعده بتخفيض الأسعار بل وعدنا بتوريد 20 ألف طن دواجن إلى وزارة التموين بأسعار مخفضة بدعم من صندوق تعويضات إنفلونزا الطيور قيمته 200 مليون جنيه سنويًا.
> هل وجدتم إشارات من رئيس الوزراء تدل على فهمهم الخاطئ بخفضكم للأسعار؟
بالتأكيد فدوريا توجه لنا أسئلة من المسئولين في مجلس الوزراء «لماذا لم تنخفض الأسعار أو تثبت؟»، وردنا أننا لا نستطيع التثبيت أو التخفيض في ظل تعويم الجنيه، وارتفاع أسعار الأعلاف، ومدخلات الإنتاج الأخرى، فكل جنيه زيادة في سعر الدولار يزيد من سعر كيلو الدواجن 3 جنيهات.
> هل يمكن أن تتراجع الأسعار مرة أخرى في حالة انخفاض سعر الدولار؟
بالتأكيد فالدواجن هي السلعة الوحيدة في مصر التي تتراجع أسعارها، وترتفع وفقا للسوق عكس كل السلع الأخرى، والزيادة الحالية مرتبطة بتعويم الجنيه، ودعنى أطرح مثالا بمجمعات وزارة التموين، فأسعار اللحوم السودانية فيها ارتفعت من 55 إلى 75 جنيها، والدواجن تباع بـ25 جنيها، فلماذا ستفعل الدولة ذلك دون أن تكون تكلفة الإنتاج ارتفعت، وهو نفس الموقف الذي تواجهه صناعة الدواجن.
> وكيف يمكن أن تساعد الدولة في تخفيض أسعار الدواجن؟
الحل الوحيد هو تقليص حلقات تسويق الدواجن، فكيلو الدواجن يخرج من المزرعة بسعر ويصل للمستهلك بأسعار مرتفعة جدا، ويتركز المكسب في النهاية لدى التاجر، لكن هذا صعب تطبيقه، لأن الحكومة ترى أن كثرة حلقات التسويق تستوعب عمالة أكثر، وبالتالى تنخفض البطالة.
> هل تسير مبادرة الـ20 ألف طن دواجن بشكل جيد؟
للأسف لدينا مشكلات مع وزارة الزراعة التي تشرف على حساب تعويض متضررى إنفلونزا الطيور بوضعها العراقيل أمام صرف دعم المبادرة، ونحن نحاول حل تلك الأزمة، ولا نعرف سببها، ولكننا ملتزمون بالتوريد دون حتى أن نعرف حجم البدلات التي سيحصل عليها المربى، لكننا مستمرون فيها حتى لا يقال إننا تراجعنا عن وعودنا.
> وهل هناك أزمة بدون أسباب؟
بالطبع لا.. لكن ما جرت العادة عليه في التعامل مع وزارة الزراعة أن متخذى القرار فيها يعتقدون أن أي تنظيم جماهيرى يمثل قطاعا معينا هو عدو لهم، ويبدءون في وضع العراقيل والمعوقات أمامه، ومنها رفض الوزارة التوقيع على محضر الاجتماع الخاص بالمبادرة، كل ذلك رغم أن وزارة الزراعة والدولة ككل لا تملك فرخة أو بيضة في مصر، فصناعة الدواجن كلها تتبع القطاع الخاص، ونحن أدرى بمشاكلنا من الوزارة، ونريد منهم فقط أن يتركونا في حالنا ولا يعرقلوا مسيرتنا.
> هل استبعدتم المربين الصغار من الاشتراك في المبادرة؟
لم يحدث إطلاقًا، فقبل أيام أعلنا للمربين الراغبين في التوريد للدولة ضمن المبادرة إرسال إنتاجهم إلى أحد المجازر الكبيرة في الشرقية لمطابقتها مع الاشتراطات الصحية التي تضعها وزارة التموين على أماكن الذبح التي تستلم منها.
> هل الشركات تعدم الكتاكيت في الوقت الحالى؟
يوميا يتم إعدام 250 ألف كتكوت، نظرا لضعف الإقبال لارتفاع تكلفة الإنتاج، بجانب أننا في موسم الشتاء الذي يشهد هجوم الأمراض التنفسية كالنيو كاسل والأى بى إلى جانب إنفلونزا الطيور، وهى أسباب تجعل المربين يحجمون عن التربية إلى حين انتهاء موسم الشتاء بخسائره الكبيرة التي تصل إلى 30 و60%.
وفى ظل عدم وجود إمكانية لتقليل إنتاج الكتاكيت المرتبطة بإنتاج الدجاج للبيض، فالحل الوحيد هو الإعدام، لأن وجود الكتكوت لدى الشركة دون بيعه، يحتاج إلى مكان تخزين وتكلفة تربية، وهو من غير الممكن توفيره فيكون الإعدام الحل الوحيد.
> من المحتكرون في صناعة الدواجن؟
أنا عن نفسى مقتنع أنه لا يوجد احتكار في تلك الصناعة، لكنى صعقت عندما علمت لأول مرة أن قانون الاحتكار ينص على أن أي مجموعة تتفق على تخفيض أو تثبيت سعر تعتبر «محتكرة»، ففى عام 2008 كانت الصناعة منهارة، وكافة أمهات الدواجن نفقت بسبب الإنفلونزا، وكنا متخوفين من الاستيراد، وبلغ سعر الكتكوت 8 جنيهات، رغم أن سعره الحالى أربع جنيهات، وقتها كان وزير الزراعة أمين أباظة واتصل بى، وقال إن الدولة مضطرة لاستيراد كتاكيت، لأن الأسعار مرتفعة جدا، بسبب الطلب المتدنى والمعروض القليل، وبمجرد أن أغلقنا الهاتف وجدت شركات عالمية تتصل بى تعرض على استيراد الكتاكيت، وتسبب ذلك في ارتفاع السعر في الخارج، ما يدل أنهم علموا الخبر قبلنا.
وقتها اجتمعنا مع مجموعة من منتجى الكتاكيت، ووصلنا معهم لاتفاق على تقليل سعر الكتكوت لإنقاذ السوق وتدوير العجلة، وبعد الاجتماع وجدت جهاز حماية المنافسة يطلب محضر الاجتماع، وأرسلته ظنًا منى أن الدولة ستتخذ خطوة لحل الأزمة، ولكنى وجدت أن الجهاز حرك قضية ضد 24 شركة بتهمة الاحتكار، ولكن النائب العام حفظ التحقيق مع 20 شركة منها بداعى أن هذا «كلام فارغ» ولكن يوجد 4 شركات فقط حتى الآن داخل القضية، وتهمتهم منفية لأنها نفس تهمة العشرين شركة الأخرى.
> هل ستطالبون الدولة بتخفيض الجمارك على الأعلاف؟
الأعلاف لا تخضع للجمارك، ولكن عليها رسوما جمركية وضريبة مبيعات تصل إلى 10%، والمشرع في مصر وضع بعض مواد مركبات الأعلاف المستوردة في بند المواد الكيمائية وبالتالى ارتفعت رسومها الجمركية.
> وما الحل لأزمة الأعلاف؟
لابد من التوسع في زراعة الذرة الصفراء، فالذرة المصرية طازجة وممتازة عن المستورد منخفض الجودة، فشركات إنتاج أمهات الدواجن لا تستخدم إلا الذرة المحلية لتميزها، بجانب أن الذرة المصرية أسعارها أقل أيضا من المستورد، لكن على الدولة دعم المزارعين بالمجففات لرفع الإنتاج، لأن أغلب المزارعين يجنون الذرة قبل نضوجها لتصنيع علف «السيلاج» وتصديره إلى الخارج، وعلى الدولة أيضا أن تتجه لاستيراد أصناف منتخبة من الذرة، فالأصناف الموجودة لدينا تنتج 3 أطنان للفدان، في مقابل 8 أطنان للفدان في الخارج.