رئيس التحرير
عصام كامل

التهاب الأسعار.. وحادث متحف اللوفر!


تزاحمت القضايا التي أود أن أكتب عنها، أولها ارتفاع الأسعار بشكل تصاعدي وبشكل يدعو للجنون أحيانًا، ويدعو للتساؤل مرات ويطرح سؤالًا: إلى متى ستستمر هذه الموجات في الارتفاع في الأسعار؟ حقيقة الأمر أن بسطاء الشعب حيارى، خاصة من سماعهم آراء متناقضة دائمًا ترفض قرارات الحكومة من ناحية، وهناك آراء تؤيد الحكومة من ناحية أخرى، ولكن لا يصدقها البسطاء حتى لو كانت صحيحة!


باختصار شديد علينا أن نعرف أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي نعاني منه الآن، لن يدفع ثمن إصلاحه إلا المواطن البسيط، هذا نجح الإصلاح أساسًا، والعلاج الذي كان مطروحًا أمام صاحب القرار هو أحد أمرين، الأول أن تستمر الدولة أن تكون هى المتحكمة على الأقل فيما لديها من من وسائل وعناصر إنتاجية، يمكن أن تطورها وتشرك معها الشعب، وهذا يستلزم قرارات صعبة ضد السادة رجال الأعمال.

لكنه الحل الذي يجعل الدولة تحافظ وتسترد بعض مما فقدته في السنوات الماضية من مصانع وشركات بيعت بتراب الفلوس، وأذكر هنا قصة رواها لي الدكتور "عزيز صدقي" رئيس وزراء مصر الأسبق، الذي جهز كل شيء لحرب أكتوبر 1973، قال: تم اختياري ضمن لجنة لتحديد وتقييم بعض الشركات والمصانع التي سيتم خصخصتها، وكان يرأس اللجنة الوزير الدكتور "محمود محيي الدين"، في أول اجتماع وآخر اجتماع أحضره، فوجئت بكلمة الدكتور "محمود محيي الدين" الذي يؤكد فيها أن الهدف من خصخصة هذه المصانع والشركات التخلص منها لأنها خاسرة، وأن رجال الأعمال سيقومون بإصلاحها والصرف عليها لإعادة إنتاجها أفضل مما كانت، وطبيعي هذا سيكلف هؤلاء المشترين الكثير والكثير!

أضاف الدكتور "عزيز صدقي" أنه أوقف الوزير "محمود محيي الدين" عن الكلام وقال: يا دكتور محمود المصانع والشركات التي بين أيدينا منها الكسبان وليس خاسر كما تقول، ويوجد شركات ليست خاسرة وليست كسبانة، وحتى الخاسرة الأرقام المحددة لبيعها أقل من سعر الأرض المقامة عليها بعيدًا عن ثمن المعدات والخدمات المتوفرة للمصنع فكيف تعرضون هذا للبيع ؟ لماذا لا تطوروا الإدارة لاستعادة هذه المصانع للعمل!؟

رد الدكتور "محمود محيي الدين": أستاذنا الدكتور عزيز نحن نريد الاستفادة من رغبة هؤلاء المستثمرين في تخليص الحكومة من هذه المصانع وتطويرها! قال الدكتور عزيز صدقي: ولماذا لا يبني هؤلاء مصانع جديدة ؟ سيشترون هذه المصانع الكسبانة أو الخسرانة وسيتم بيع الأرض والمعدات بأضعاف مما اشتروا، والخاسر هنا مصر!

وطبيعي لم يعجب كلام الدكتور عزيز اللجنة، خصوصًا الوزير محمود محيي الدين، وللاسف الأيام أثبتت صحة رؤية الدكتور عزيز صدقي ولم يطور رجال الأعمال المصانع التي تم شراؤها من الدولة، بل حدث أن باعها البعض أرض بعد هدمها، وآخرين أغلقوها على أمل زيادة ثمنها، وبالتالي خسرت الدولة أصول عالية الثمن وهى ملك الشعب وربح رجال الأعمال بعيدًا عن أهمية خدمة المجتمع وأهلنا في مصر.

وعلى نفس النهج تسير الحكومات المتعاقبة، من منطلق تخلي الدولة عن كل شيء وتترك كل السوق كما يردد البعض للعرض والطلب، وهذا يجعل الحكومة التخلي تمامًا عن دعم أي سلعة خاصة البترولية وبالتالي خلال ثلاث سنوات التزمت مع صندوق النقد الدولي أن ترفع يدها تمامًا على دعم الطاقة، وهذا باختصار شديد يعني أن الأسعار سترتفع ولن تتوقف طوال السنوات الثلاثة القادمة، ولكن في نفس الوقت لم تقدم الدولة حلًا أو تصورًا للأجور في السنوات الثلاثة القادمة أو ما بعدها، حتى القطاع الخاص لا يزال يعاني العاملون فيه من استغلال الاحتياج للعمل وفرض شروط مجحفة من راتب متواضع إلى شرط على الفتاة بعدم الزواج، وفي حالة الزواج يتم فصلها لأنها وقعت على استمارة 6 يوم توقيعها على عقد العمل، وبالتالي تبدو سماء الاقتصاد المصرية مليئة بالغيوم ونأمل من الله أن يخيب ظننا في الحكومة الفاشلة الضعيفة.

الموضوع الآخر هو أن كل حادث إرهابي يحدث في العالم، يخرج تصريح أسرع من البرق، أن المنفذ قال:الله أكبر! حدث هذا الجمعة الماضية في حادث متحف اللوفر في فرنسا، ويعلق أحد رؤوساء الدول-هذه المرة ترامب- أن هذا عمل إرهابي إسلامي جديد!

للعلم أن الأغلبية التي قامت بأعمال إرهابية في أوروبا حتى وإن كانت تحمل في هويتها الديانة الإسلامية إلا أنه تربية البيئة الغربية وإذا كان يتمتعون بالعنف والإرهاب فهو صنيعتهم، ربما يعتقد أن الغرب واحة التسامح والمحبة، ليس صحيحًا، يكفي فقط عشرات الملايين التي قتلت وعشرات الملايين التي أصيبت بعاهات جراء الحروب، ناهيك عن عشرات الملايين شردوا، وجرائمهم تملأ كتب التاريخ في كل أنحاء الدنيا، إنني أريد التأكيد على أن الإرهاب في أوروبا هو نتيجة تربية بيئتهم أولًا واحتضان الإرهابين الهاربين من بلادهم مثل الإخوان، ولن أمل من القول إن الإرهاب تموله وتديره بنجاح ساحق الصهيونية العالمية برداء إسلامي، وهذا لا يمنع الاعتراف أن منا من يسيء للإسلام أكثر من غير الإسلاميين.. والإسلام منا براء.. الإسلام منا براء!

الجريدة الرسمية