رئيس التحرير
عصام كامل

برلمان أم ترتر


في جمهورية «البلد بلدنا» يحظى برلمان أم ترتر بشعبية جارفة، حيث يصول أعضاؤه، ويجولون شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، دون رقيب على أعماله إلا من الحكومة، نعم.. فبرلمان أم ترتر لا يراقب الحكومة كما هو الحال في برلمانات العالم المتخلف، برلمان أم ترتر تراقبه الحكومة، وتفعل فيه ما يفعله أي برلمان في واحدة من دول عفا عليها الزمان في الحكومة، برلمان أم ترتر معكوس طبعا وطبيعة.


في برلمان أم ترتر يحظى رئيسه الأستاذ الدكتور «أبو العريف» بقدرات فائقة على إدارة الجلسات، وتوزيع الهبات، فهو يسمح للسيد العضو بأن يتكلم ما دام حديثه متوافقا مع النظام، والنظام هنا هو الحكومة وليس النظام القانونى المعمول به، أو الذي يحكم أداء البرلمان، ويحق للأستاذ الدكتور «أبو العريف» أن يصوت منفردا على أي قرار دون الحاجة إلى أغلبية، إذ يكفيه أن يطلب التصويت ويصوت وحده لا شريك له؛ فيصبح القرار نافذا.

ولا يسمح لبرلمان أم ترتر بالهجوم لا سمح الله على الحكومة، غير أنه يجوز للبرلمان وحسب رؤية الدكتور أبو العريف أن يرفض حكما قضائيا صادرا من الهيئة القضائية، وذلك اتساقا مع قاعدة برلمانية متوارثة أبًا عن جد، تعتبر أن البرلمان سيد والأسياد لا يهمهم قانون أو قضاء أو دياولو، ودياولو في اللهجة المصرية تعنى ولا شيء، أما في الإيطالية فإنها تعني إبليس، وبذلك يكون من حق برلمان أم ترتر أن يكون سيدا رغم أنف إبليس.

وفي جمهورية «البلد بلدنا» يصبح من حق الحكومة مراقبة أداء نواب برلمان أم ترتر، وذلك على اعتبار أن الحكومة في هذه الحالة «أسيد من السيد»، وكم من قرارات نفذتها الحكومة في أعضاء من برلمان أم ترتر حيث فصلت أعضاء ومنعت آخرين من حضور جلسات، وحالت بين وصول مستحقي العضوية إلى العضوية، وذلك لأن العضوية ليست من الدعم والدعم وحده هو الذي يجب أن يصل إلى مستحقيه.

وإذا كانت برلمانات العالم المتخلف تقر الموازنة العامة، فإن برلمان أم ترتر ليس عليه إلا أن يباركها في جلسة إجرائية تشهد واحدة من حالات الغزل البرلمانى في عبقرية الحكومة ووزير مالية الحكومة ولا يجوز للسادة الأعضاء إبداء آرائهم فيما يرد بالميزانية، إذ أن الميزانية قادمة ممن هو أسيد من السيد، والقسم داخل برلمان أم ترتر يكون بالطلاق للرجال والنعمة الشريفة للنساء، أما رئيس البرلمان فإن قسمه مجرد كلمة شرف فقط لا غير.

وتتعدد عقوبات الدكتور «أبو العريف» للسادة الأعضاء المتمردين، في برلمان «أم ترتر»، حيث تبدأ العقاب بالطرد، وتنتهى بالفصل.. أما مكافآت سيادته فإنها تبدأ بإتاحة الفرصة مواتية لامتلاك ميكرفون البرلمان وتنتهى عند أعلى نقطة، وذلك بقبلة على الهواء مباشرة للسادة المجتهدين من أبنائه من تجمعات في نهب البلد أو حزب بلديات أحرار أو تحالف خمسة وخمسين.. خمس وخميسة المعروف تاريخيا بين العامة والخاصة.

وإذا كانت برلمانات العالم المتخلف تشرع أو تسن القوانين، فإن برلمان أم ترتر لا ينشغل بهذه المهمة الهامشية، حيث تأتيه القوانين جاهزة التفصيل من أشهر الترزية ليوقع عليها بالمباركة الشريفة، ويدعو الله للحكومة بالسداد دون التطرق إلى سداد ديون الجمهورية خارجيا أو داخليا، وليس من حق برلمان أم ترتر أن يعدل الدستور، فالدستور سيد الأسياد يعدل نفسه بنفسه ولا يحتاج إلا إلى تصفيق حار من السادة الأعضاء حتى يقوم بمهمة التعديل إن أراد ذلك دون تدخل من الغير.

ويحق للحكومة مراقبة أعضاء البرلمان داخل وخارج القبة، ولا يجوز لنائب أن يقدم طلب إحاطة أو استجوابا للحكومة إلا بموافقة مسبقة من الوزير الذي يقدم ضده الاستجواب أو طلب الإحاطة، ولا يجوز لأي عضو أن يعارض إلا إذا كان الأمر متفقا عليه بين المخرج والممثلين.
الجريدة الرسمية