رئيس التحرير
عصام كامل

الاعتذار عن منصب وزاري!


عندما رن هاتفه لم يكن يعلم أن جهة عليا تهاتفه لتعلمه أن هناك لقاءً يجمعه برئيس الوزراء صباح الغد، فأدرك أنه مطلوب لتولي منصب وزاري في التشكيل القادم، وبات ليلته يفكر في القبول أو الاستغناء.. بات يفكر هل يستطيع وبحق أن يقدم جديدًا لهذا المنصب أم يكون عددًا فيما بعد في تعداد الوزراء السابقين.. تطرق إلى فكره هل تُنصب له المقصلة بعد أسبوعين من توليه المنصب، وتهاجمه أبواق الأعلام وأقلام الصحفيين.. راح يفكر فيما يتقاضاه من مرتب حاليًا وهو يفوق أضعاف ما يتقاضاه كوزير..


ذهب فكره إلى أن حياته الخاصة ستُقتحم من قبل بعض الأقلام المأجورة ولن يتركه أحد وشأنه.. رأى وفكر أن المنصب الوزاري لم يعد تشريفًا بقدر ما أصبح تكليفًا بمهام ثقال، يجب على من يرتضيه أن يدرك أن المصلحة العامة فوق الجميع.. لذا فقد رأى أن يعتذر عن عدم تولي المنصب ليس هروبًا من مسئولية العمل العام، ولكن لإدراكه أنه لن يستطيع أن يضيف لهذا المنصب، وأن تكليفه بهذا المنصب يفوق قدراته المهنية والنفسية ففضل الاعتذار...هذه الخواطر تجول وبحق في تفكير الكثير من المرشحين للمناصب الوزارية، الذين فضلوا الاعتذار المبكر عن عدم تولي المهام الثقال.

لو أن مجال تخصصي في العلوم السياسية لكانت رسالة الدكتوراه الخاصة بي في رحى أسباب الاعتذار عن المناصب الوزارية أعقاب ثورتين، ومدى توجس كثير من المرشحين من الظروف الراهنة بما يدعوهم للاعتذار.

ومن الظواهر اللافتة للانتباه أن بعض المحافظين يعتذرون عن عدم تولي مناصب وزارية لعدة أسباب، على رأسها أن كونه محافظًا فإنها يقضي فترة أطول في وظيفته من كونه وزيرًا.. فالمحافظ يستمر سنوات طوال وقد ينتقل لمحافظة أخرى وهكذا، بينما الوزير مدته أقصر، ويرى البعض أن أداء الوزراء يكون تحت ميكروسكوب الحكومة بدقة أكثر من أداء المحافظين الذي يرتبط أدائهم بالإدارة المحلية.

ويرى البعض أن اعتذار بعض المصرفيين عن عدم قبول مناصب وزارية، أن مرتباتهم تفوق أضعاف ما يتقاضاه الوزراء، فضلًا عن كونهم بعيدًا عن أعين الإعلام والنقد الهدام.

المنصب الوزاراي أصبح بالفعل تكليفًا بمهام ثقال يُفضل فيما يتولاه أن يكون حريصًا على أداء المصلحة العامة، وأن يتقبل النقد، وأن تكون لديه مهارات القيادة والابتكار وتقديم رؤى تنهض بقطاعات وزارته، لذا عليه الاستعانة بأصحاب الكفاءة ويعزز الثقة مع مرؤوسيه من خلال لا مركزية مسئولة.

تفعيل أداء الأجهزة الرقابية أمر يستحق الإشادة، وهو ما قد يقلق البعض، فقد يرى البعض أن خطأ اُرتكب بحسن نية قد يؤدي بصاحبه إلى غياهب السجون، نعم البعض يخشى على نفسه من قبول منصب يعصف بحياته الوظيفية، رغم رسائل الطمأنه التي تبثها الأجهزة الرقابية من تقديرها لظروف ومواقف الظواهر والوقائع المختلفة.
الجريدة الرسمية