رئيس التحرير
عصام كامل

التمويل السخي.. والستار الخفي !


بعد أحداث يناير 2011 وقبلها قدمت أمريكا ملايين الدولارات لتلك المنظمات، بحجة نشر قيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان.. هذا هو الشعار البراق الذي يعمي الأبصار.. وذلك هو الستار الذي تتخفى في ظلاله الأهداف الحقيقية لهذا التمويل السخي، إذ تمارس هذه الكيانات مهامها في جمع معلومات دقيقة عن كل مناحي الحياة في مصر..


وهذا ليس كلامًا مرسلًا بل حقائق سطرتها يد القضاء المصري النزيه، حيث قالت محكمة جنايات القاهرة في حيثياتها ناصعة البيان في قضية التمويل الأجنبي: "إن هذا التمويل هو أس البلاء، فالدول الأجنبية لا تنفق أموالها ابتغاءَ تحسين حالة حقوق الإنسان في بلد ما، ولا تمد يد العون لأهلها، خصوصًا دول الغرب التي لم تكفِّر حتى هذه اللحظة عن جرائمها إبان عهود الاستعمار"؛ الأمر الذي حدا بالمحكمة أن تطالب النائب العام بالتحقيق مع المنظمات والجمعيات التي طلبت تمويلًا من بعض الدول العربية والأجنبية بعد الثورة، والتي ورد ذكرها في تقرير تقصي الحقائق والتحقيق مع كل من مكَّن المتهمين الأجانب من الهرب خارج البلاد في غضون التحقيق في القضية "وهو ملف ما زال مفتوحًا حتى الآن".

وأقرت المحكمة بأن "التمويل شكل من أشكال السيطرة والهيمنة الجديدة، وهو ما يعد استعمارًا ناعمًا أقل كلفة من حيث الخسائر والمقاومة من الاحتلال العسكري تنتهجه الدول المانحة لزعزعة أمن واستقرار الدول المستقبلة، للتمويل والتي يراد إضعافها وتفكيكها، وأنه لا يتصور عقلًا ولا منطقًا أن لأمريكا أو لغيرها من الدول الداعمة للكيان الصهيوني أي مصلحة أو رغبة حقيقية في قيام ديمقراطية في مصر، وأن من يدفع المال إنما يدفعه لخدمة أجندته الخاصة المحددة بدقة والمراد تحقيقها والتي تتناقض أو تتقاطع حتمًا مع الأهداف النبيلة للمنظمات التطوعية الساعية إلى توعية وتطوير المجتمع والدفاع عن حقوقه الإنسانية ومصالحه.

ورأى أن المحكمة قد أصابت كبد الحقيقة، وعبرت بأمانة وصدق عما يجيش بصدور ملايين المصريين حين وضعت يدها على كوامن الداء والبلاء، فليس هناك من يدفع أموالًا بلا هدف، فالدول ليست جمعيات خيرية تدار بمنطق الصدقة والإحسان، لا سيما إذا كان لهذه الدول مصالح وتاريخ أسود في الاستعمار واستغلال ثروات الغير، وتدمير فرصه في التقدم وربما في الحياة، كما أنه ليس مستساغًا أن تتلقى جمعيات أهلية في دولة تمويلًا من المانحين في دولة أخرى من وراء ظهر القانون بمعزل عن الشفافية، التي هى إحدى أهم ركائز الديمقراطية الحديثة، وهو الأمر الذي حاول القانون الأخير للجمعيات الأهلية مراعاته، ووضع ضوابطه سواء اتفقنا أو اختلفنا حول مواد هذا القانون.
الجريدة الرسمية