رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا لو تلقت منظمة حقوقية أمريكية تمويلًا من الخارج!


لا شك أن الأنظمة السابقة عندنا ارتكبت خطأ فادحًا حين سمحت لمثل تلك المنظمات الأجنبية وفروعها بالتغلغل داخل مصر، وغضت الطرف عنها حتى تفاقمت الأمور بعد أحداث يناير وما صاحبها من انفلات أمني سهل عمليات اختراق الحدود، وتهريب السلاح ودخول الإرهابيين إلى سيناء، وكيف لعبت المنظمات الأجنبية والجمعيات المحلية أدوارًا خطيرة في نشر الفوضى وتشويه صورة مصر، وترويج معلومات خاطئة والعبث بأمن البلاد والعباد.


في مصر 47 ألف جمعية أهلية بينها عشرات المنظمات الحقوقية مثار الجدل، والتي حصل بعض قياداتها على تمويلات ضخمة لم يشعر أحد بأي أثر لها في خدمة مصر، بل دخلت تلك الملايين في حساباتهم الخاصة.. ولهذا انتفضوا ضد القانون الجديد للجمعيات الأهلية.. فماذا فعل هؤلاء بهذا التمويل.. هل أسهموا في مشروعات خيرية أم أنفقوه على اجتماعات وندوات وتقارير تسئ لمصر دوليًا.. وماذا يضير هؤلاء لو عملوا تحت مظلة الدولة ووفق قوانينها وتحت بصرها بضوابط إدارية ورقابية في تلقي التمويل الأجنبي وإنفاقه حسبما هو سائد في شتى دول العالم، أم يريد هؤلاء العمل مع الدول الأجنبية من وراء ظهر الحكومة ودون علمها؟!

قانون الجمعيات الجديد يبدو أنه يمثل مشكلة لدكاكين حقوق الإنسان التي يريد أصحابها تلقى الملايين والتصرف فيها دون ضوابط ولا رقابة من أجهزة الدولة.. أروني دولة تسمح بهذا؟!

الدفاع عن الحريات والحقوق أمر محمود ونشاط مشروع إذا جرى في النور وتحت إشراف الدولة، وهو ما يحاول القانون الجديد تكريسه في المجتمع فليس مقبولًا أن تتسرب ملايين الدولارات إلى أسماء وهمية وجمعيات مشبوهة تحت أستار العمل الأهلي.. فمن حق الدولة كسلطة أن تراقب مسارات أي تمويل أجنبي.. أما أن يخرج علينا الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بتعليقات على حكم قضائي بالتحفظ على أموال بعض مسئولي المنظمات الحقوقية في قضية التمويل الأجنبي فذلك ليس مقبولًا..

وحسنًا ما فعلته الخارجية المصرية التي استنكرت بقوة ما جاء في هذا البيان وردت عليه بحسم.. بقي أن نقول إن تحسين حالة حقوق الإنسان أمر لا غبار عليه لكن بطرق مشروعة وحبذا لو كان التمويل محليًا.. ولتكن تجارب الدول المتقدمة نموذجًا يحتذيه الحقوقيون عندنا.. فهل هناك مثلًا منظمة حقوقية في أمريكا أو أوروبا تتلقى تمويلًا أجنبيًا من الصين أو روسيا أو العكس.. لماذا لا يحدث ذلك إلا في عالمنا العربي.. ابحثوا عن مصادر تمويل آمن بدلًا من السباحة ضد التيار، والنزول إلى مواضع الشبهات إن كنتم حقًا تدافعون عن حقوق الناس.
الجريدة الرسمية