رئيس التحرير
عصام كامل

إلى البرادعى: أرجوك أوقف هذه المهزلة


لست مهتماً ولن أهتم بتفاصيل من على حق ومن هو على باطل فى أزمة حزب الدستور الذى يشهد اعتصامات واحتجاجات وانقسامات. فالأمر أعمق من ذلك بكثير وأبعد من ذلك بكثير، ليس لأن التفاصيل غير مهمة ولكن لأنها ليست أكثر من مؤشر على ما هو أبعد. فما هو هذا الأبعد؟


أولاً لابد من التأكيد على أن كل الأطراف المتصارعة داخل هذا الحزب الوليد الذى يتولى رئاسته الدكتور محمد البرادعي، محترمة وأن من توجه لهم سهام الاتهام شخصيات لها تاريخ مشرف ومحترم منهم مثلاً الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق. وقبل ذلك الأستاذ الجامعى اللامع والمؤرخ والمثقف الكبير. ومثله الدكتور أحمد البرعى الأستاذ الجامعى والناشط الحقوقى قبل الثورة. ووزير القوى العاملة بعد الثورة الذى أسس لحق التعدد النقابى الذى دمره التنظيم السرى للإخوان.

المختلفون مع هذه الجبهة، إن كانت جبهة، منهم الدكتور حسام عيسى الأستاذ الجامعى والسياسى النزيه والذى يحظى باحترام واسع. وقبل كل هؤلاء وبعدهم الدكتور محمد البرادعى الذى كنت أتمنى شخصياً أن يترشح للانتخابات الرئاسية، والذى أراه الأفضل لحكم مصر فى هذه الفترة العصيبة.

بالطبع هناك قيادات فى هذا الحزب أخرى، وهى فى الحقيقة محترمة أيضاً. وقد عددت بعضها للتأكيد على أن الأزمة التى يمر بها الحزب تعبير عن الفشل الذريع فى إدارة الخلافات بشكل ديمقراطي. وهذه هى آفة كل الأحزاب المصرية . فقبل الثورة مثلاً شهدت العديد من الأحزاب انقسامات مروعة. فعلى سبيل المثال خرج حمدين صباحى وآخرون من الحزب الناصرى وأسسوا حزب الكرامة. وخرج أيمن نور من حزب الوفد وأسس حزب الغد. بل وخرج أبو العلا ماضى ورفاقه من التنظيم السرى للإخوان وأسسوا حزب الوسط. ربما تكون الانقسامات مفهومة فى تنظيم سرى ولكنها غير مبررة بالمرة فى تنظيمات مدنية علنية.

فما معنى الإدارة الديمقراطية للخلافات السياسية؟

معناها أنه مهما كانت حدة الخلافات، فلابد من وجود طريقة ديمقراطية يمكن الاحتكام إليها عند نشوب خلافات.

وإذا فشلت هذه الطريقة، ولجأ طرف إلى الاعتصامات والإضرابات، فلابد من العودة سريعاً إلى الاحتكام إلى الديمقراطية، بانتخابات مبكرة أو غيرها.

ربما لا نجيد جميعاً كمجتمع إدارة الخلافات. ولكن فى كل المجتمعات، هناك من يقدمون نموذجًا يجبر الآخرين على السير على خطاه. وأظن أن الدكتور البرادعى وقادة هذا الحزب الذى علقت عليه الكثير من الآمال، قادرون على تقديم هذا النموذج الديمقراطى وقادرون على التخلص من ميراث الاستبداد الذى يعشش فى أرواحنا جميعاً.

الجريدة الرسمية