رئيس التحرير
عصام كامل

الستات الرجالة !


لا يوجد أدنى شك بأن المجتمعات الغربية وضعت حقوق المرأة في مقدمة أولوياتها في ظل تطبيق عادل للقانون وهو ما يفسره البعض في مجتمعاتنا الشرقية بأنها حرية متوحشة وغير مقبولة.. وستظل المرأة المصرية على وجه التحديد الحلقة الأضعف والأكثر ظلمًا ورغم ذلك تثبت يوم بعد يوم بأنها بـمية راجل.


وأنا هنا لا أتحدث عن المرأة المصرية التي تشغل بالها بمؤتمرات الليونز وندوات الذوات في الفنادق، للحديث عن حقوق المرأة الوهمية وإنما أتحدث عن المرأة المصرية العادية الموجودة في كل بيت مصري.. المرأة التي تتزوج وتفشل في الزواج وتصبح هى بمثابة الأب والأم - وتفشل في الزواج هنا ليس معناه الطلاق أو الانفصال الرسمي فقط لأن هناك طلاق نفسي مخفي لا أحد يعلم عنه شيء- ثم تجد نفسها أمام صراع مستمر مع الحياة، ومع كل وقت يمر تثبت أنها بمية راجل.

والأمثلة على ذلك بالنسبة لي كثيرة وربما تكون مع أقرب الناس ليا.. فعندما تجد شاب أصبح وكيل نيابة أو ضابط شرطة أو مهندس أو دكتور أو بدأ حياته العملية في منصب مهم، وتبحث خلفه لتجد أن والدته ضحت بكل ما تملك في الدنيا من أجله وأجل أخوته.. فيجب أن تصفق لها وتنحني إجلالًا واحترامًا.. وعندما تجد امرأة تسكن في العشوائيات وتقاوم كل مغريات الحياة من أجل تربية أطفالها دون وجود للأب فلا بد أن تنحني لها.

ورغم كل ذلك وللأسف الشديد مجتمعنا الشرقي لا يرحم ولا يمنح أدنى الحقوق للمرأة، ودائمًا يتحدث عنها بلغة الشيطان.. وإذا نظرنا إلى الأحصائيات الرسمية التي تتحدث عن ضياع حقوق المرأة التي تعول بمفردها سنجدها صادمة ومخزية ورغم ذلك يظهر لكل واحد فينا تجارب ممن حوله يضرب بهم المثل باستمرار.

ولذلك أقول دائمًا.. أين حقوق هذه التجارب؟.. ألا تستحق منا هذه النوعية من السيدات الحد الأدنى من الحقوق.. وربما يكون الحد الأدنى هنا هو الاحترام أو نظرة التقدير حسنة النية أو حتى الدعاء.. فالمتزوجون السعيدون في حياتهم يعانون من تربية الأطفال، وغالبًا هم الذين يشتكون ويطالبون بحقوق المرأة.. فما بالنا بمن يعول بمفرده وغير سعيد بل والنظرة له شيطانية!.. للأسف هؤلاء هم الستات الرجالة.. هؤلاء يستحقون من المجتمع الذي يعيشون حولة الكثير والكثير.

ما جعلني أتحدث في هذا الموضوع هو حالة الاستفزاز التي أصابتني كلما شاهدت في وسائل الإعلام سيدات يتحدن عن أشياء أقل ما توصف أنها تافهة ويقولون عنها حقوق المرأة.. وللأسف مثلما يطالب الأغنياء من الفقراء الصبر تجد السيدات اللاتي يعيشن بدون مشكلات يتحدثن عن السيدات اللاتي، لا وجود إلا للمشكلات في حياتهن.!

وتبقى قناعتي التامة بأن المرأة المصرية التي تنجح في أن يقال عنها "ست بمليون راجل" هى في الأساس عاشت طفولتها وشبابها في بيئة نظيفة وتربية سليمة.. فـتحيه شكل وتقدير وانحناء لكل ست في مصر بمليون راجل.. لكل ست اختارت أن تصبح هى الأب والأم!
الجريدة الرسمية