الطائفة المنصورة.. وطائفة الإخوان.. والمسيحيون
فى 19 إبريل 2006 خرج التليفزيون المصرى على مشاهديه بنبأ ضبط أجهزة الأمن أحد التنظيمات السلفية الجهادية، وتوجيه اتهامات لـ22 شاباً بالتخطيط لعمليات تفجير منشآت اقتصادية وسياحية واغتيال شخصيات سياسية ورجال دين مسيحى وإسلامى.
التنظيم "الفشنك" الذى افتكسته داخلية العادلى حسب تحقيقات نيابة أمن الدولة، لقب بـ"الطائفة المنصورة"، وجرى إيداع كافة أعضائه المعتقلات بقانون الطوارئ، ليخلى سبيلهم بعد أقل من عامين من ممارسة ضغوط إعلامية حقوقية محلية ودولية على النظام.
هدف النظام وبرلمانه وقتئذ كان تجديد العمل بقانون الطوار لعامين تاليين بعد "تصعيد" 88 شخصاً من الإخوان فى برلمان 2005 وربط أجهزة الأمن بين تنظيم الجماعة وفرعها فى حماس، وبين التنظيمات ذات الفكر السلفى الجهادى، عقب تكرار تفجيرات إرهابية فى مناسبات وطنية بدءاً من أكتوبر 2004 .. فكان قرار أغلبية البرلمان بتجديد العمل بالطوارئ بعد أسبوع من إعلان الداخلية عن جزء من "مخزون المعتقلين" لدى أمن الدولة، وسط رفض واعتراض نواب الإخوان والمعارضة.
وظهرت تداعيات الطوارئ فى أحداث محاكمة القاضيين "مكى والبسطويسى" فى يونيو 2006، فكانت اعتقالات نشطاء حركة كفاية والصحفيين المتضامنين مع قضاة "لا يخشون إلا الله"، تلتها جرأة النظام على تغيير هوية الدستور وضبط حسابات التوريث بتعديل 34 مادة فى 26 مارس 2007 عبر استفتاء مؤيدى ومحبى الحزب الوطنى وقتئذ.
ورغم ضعف إجراءات نظام مبارك أمام صلابة قوى وطنية أنهكت فى مواجهته قبل يناير 2011، ليقفز "وصيفه" الإخوانجى إلى الحكم عبر غرف التفاوض المغلقة عليه مع عمر سليمان وفراش التنازلات للسيد الأمريكى المتصهين، إلا أن سلاح الفتن المفتعلة بين مسيحيين ومسلمين لم يفلح فى هز بنية مجتمع تأصلت فى كثير من أجزائه الوحدة المصرية.
أدلل على ذلك بشهادات سكان شارع المنياوى بمنطقة الزاوية الحمراء، حينما تظاهر المسيحيون ضد اعتقال شباب متدين وملتح من أبنائه أعضاء "الطائفة المنصورة"، واعتصموا بالكنيسة رفضاً لاتهامه بالتخطيط لحرق دور عبادتهم واغتيال قياداتهم الروحية، وأكد أغلبهم أنه "رضع" من صدور أمهات مسلمات قمن بحمايته فى أزمة الزاوية الحمراء الشهيرة فى عهد السادات.
وفى 21 نوفمبر 2008 حضرت فتنة عين شمس على خلفية شراء مسيحى أحد المبانى وتبرعه به لجمعية دينية سعت لتحويله إلى كنيسة ودار خدمات للمسيحيين المتكاثرين فى المنطقة دون رعاية، وظلت الأزمة مستمرة حتى الآن بعد تواطؤ أمنى مع جهلة مسلمين ضد وجود دار عبادة، مقابل تسليمهم بامتلاء المنطقة بمقاهى المتعطلين وأرباب البلطجة والاتجار بالمخدرات.
وجاءت أحداث كنيسة القديسين ليلة عيد الميلاد لتبدأ رحلة المصريين نحو إسقاط النظام بشعار الميادين "إيد واحدة" فى مواجهة إعلام سياسى-دينى سعى إلى ربط الوحدة الوطنية بين الثوار بتمويل أجنبى لحركتهم، قبل أن يخرج معتقلو جماعات الدين السياسى وقلة من الإخوان من السجون، ليباشروا أول تجربة تكفيرية موحدة علناً فى استفتاء 19 مارس على تعديلات 9 مواد دستورية أوصى بها مبارك، فيما سميت بـ"غزوة الصناديق".
فكرة الاستبعاد تسيطر حالياً على هذه التيارات والطوائف كافة، تقودها طائفة المصلحة الإخوانية، تغذيها ضرورات أمريكية باستنساخ مجتمعات العنف العقائدى والفكرى المسلح ضد مختلفين سياسياً ودينياً، ومعها انتظروا المزيد من الأحداث المشابهة للخصوص والكاتدرائية وبورسعيد والاتحادية، وانتظروا تفريطاً فى حدودنا بسيناء لحماس وحلايب للبشير والإسكندرية لورثة المقدونى وبورسعيد للأتراك و"مرسى" مطروح لإخوان ليبيا، طالما غابت عنا تربية مدنية وسياسية يعاد معها تأهيل أرباب السجون والمعتقلات وسكان المناطق المحرومة من التنمية والحقوق، ليعوا حقيقة نظام يرعى الإرهاب ويتزعم طائفة البلطجية ويتصالح مع قوى الفساد والإفساد وناهبى ثروات الوطن وحدوده.