رئيس التحرير
عصام كامل

أيها السادة.. رفقا بالعبيد


أثناء أدائي لصلاة الجمعة الماضية، وقف الخطيب يتحدث عن الغلاء، وبدء عام جديد، وكيف يواجه الناس الغلاء، إما بالتكافل والتراحم فيما بينهم، وإما بتقليل النفقات والامتناع قدر الإمكان عن تناول السلع الغذائية عالية التكلفة وشرائها، والاتجاه للبدائل المتوافرة، وتحدث عن أن الحكومات السابقة كانت تراقب الأسواق، وتضع حدًا أدنى، فيما يعرف بنظام «المحتسب» وهو الذي كان يقوم بضبط الأسواق، ومحاسبة التجار الجشعين، وكان يقف لهم بالمرصاد، وأن هذا هو ما نفتقده هذه الأيام، وذكر بعض عناوين الصحف التي كانت أغلبها تتحدث عن موجة غلاء مقبلة لن تبقي ولن تذر، وأن العام المقبل سوف يشهد موجات متتالية من غلاء الأسعار في الكهرباء والغاز والبنزين وحتى حلوى الأطفال والخضر والفاكهة التي نزرعها بأيدينا، وذكر أن السلف الصالح كان لا يحمل هم الغلاء، ولا يشغل باله بارتفاع الأسعار، فالذي يرزق في الرخاء هو الذي يرزق في الشدة، وهو وحده القادر على كل شيء «الله لطيف بعباده».


بعد انتهائي من الصلاة ذهبت إلى المقهى لأمر ما، وهناك سمعت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فسمعت الناس يتحدثون عن واقعة هاينز الشهيرة-هاينز هو أحد المصانع الشهيرة لتصنيع الصلصة- وكيف أصبح الناس يتخوفون من كل شيء، بعد أن فردت لهذه الواقعة برامج التوك شو والفضائيات مساحات واسعة، وصار الأمر مفزعًا لكل متابعي هذه القنوات الذين باتوا مقتنعين بصحة كل ما تعرضه هذه القنوات دون وعي، وأصبحوا يتشككون في كل شيء، وسرت شائعات كثيرة عن المصنعات(المواد الغذائية المصنعة) بدءًا من الطماطم وصولًا إلى الحواوشي والفراخ والكفتة واللانشون والكبدة، بعد ضبط أكباد ولحوم مستوردة فاسدة، و جزارين يذبحون الحمير، و يبيعون لحومها، ورغم أن هذه الوقائع محددة بمناطق وفئات معينة، إلا أن التناول الإعلامي (المقروء والمسموع والمرئي) بات خطرًا يهدد حياة الكثير من الناس، خصوصًا أن هذه المنتجات قد تكون بدائل رخيصة لفئات كثيرة من الناس، تعتمد على هذه البدائل التي صارت الآن بالنسبة لهم قنابل موقوتة، فاللحوم منتهية الصلاحية، والفراخ مهرمنة، والأسماك مسرطنة والطماطم«معفنة» فماذا تبقى للناس؟

أيها السادة رفقًا بنا فقد يفقد الناس الثقة في المنتجات والبدائل، التي باتت ضرورة ملحة للكثيرين، فماذا أنتم وهم فاعلون إذا توقفت الصناعة والتجارة والزراعة وفقد الناس ثقتهم فيما يأكلون وماذا تبقى لهم؟
الجريدة الرسمية