رئيس التحرير
عصام كامل

طوبى للفقراء


بالأمس القريب جلست مع شخص عزيز، أحسبه على خير، لكني رأيته واجمًا، متجهمًا، وعندما سألته كعادتي في بداية لقائي به ماذا بك لم يجب! فأعدت عليه السؤال فازداد غضبه وانفجر في وجهي قائلا: طبعا ما أنت مش زينا ما أنت معاهم وابن الحكومة -لأني أعمل بها- وعندما سألته وما علاقتي والحكومة بذلك؟


ازداد غضبا وراح ينعتني بكل صفات المنافقين، لم أغضب بل تحولت عنه بعيدًا، وانشغلت ببعض الأشياء، لكنه سرعان ما أدرك ماذا فعل معي، خصوصًا أنه يكاد يكون جليسي الوحيد الذي يعلم ما يدور بي وحولي، بحكم صداقتنا وعلاقتنا التي تزيد على 10 سنوات، وهو يكاد يعلم عني كل شيء من مرتب وعمل وخلافه، وقد شهد معي أيامًا صعبة عندما كنت أعمل بالمكافأة، ولا أخفي سرًا حين أقول: إنه مرت بنا أيام كان كل منا يأخذ مالا من الآخر ليسد ما عليه من ديون وأقساط بل إننا كنا نشتري أشياءنا جملة توفيرًا للنفقات، ومع ذلك فقد فعل به الغضب الأفاعيل، وراح يعدد الأزمات التي يمر بها من قلة المال، وقلة العمل، ووقف الحال، واضطراره للبحث عن عمل أعلى أجرًا حتى يستطيع سداد ما عليه، والوفاء بمتطلباته بعد أن ارتفعت أسعار السجائر والدخان، وبات لا يستطيع شراء علبة أصبح سعرها 24 جنيهًا، وشكوى زوجته وأولاده من أسعار اللحوم والخضار، والدروس الخصوصية وأسعار المدرسين، وزيادة أجرة المواصلات، وتكاليف النقل، والناس التي لا ترحم وأصحاب العقارات الذين باتوا يطالبون بزيادة الإيجار وقلة البركة وانعدام الضمير والأخلاق وجشع التجار والزيادات غير المبررة في كل شيء..

ثم باغتني بالسؤال: هل تعرف كيلو السكر بكام؟ فأجبت لا، فعاود السؤال: هل تعرف كيلو الرز بكام فسكت ولم أجب، فسألني هل تعرف كيلو الزيت بكام، فأجبت إن زوجتي هي ربة المنزل، وهي التي تحضر كل هذه الأشياء وهي التي تقوم بالشراء وأنا أجلب إليها المال فقط فسألني: هل أصبح مرتبك يكفيك؟ فأجبت متبرمًا: وليه السؤال ده.. أهي مستورة والحمد لله.. فقال وماذا سوف تفعل في الغد؟ هنا أجبته... لا يعلم الغيب إلا الله!
الجريدة الرسمية