رئيس التحرير
عصام كامل

مافيا دولية لسرقة الهواتف الذكية


يوم أهدت سونا يانج شقيقها هاتف آى فون قبل عامين، حذرته قائلة: لا تضع على أذنيك سماعتى هذا الجهاز ليلاً. فهما تجذبان أنظار اللصوص وتجعلانك هدفاً لهم.


ويبدو أنه تجاهل التحذير وربما لم يسمعه، تقول شقيقته فى مقابلة نشرت أخيراً. فقبل حوالى عام، لقى هوانجبوم يانج، المهاجر الكورى ابن السادسة والعشرين الذى كان طاهياً واعداً فى مطعم فى مانهاتن، حتفه أثناء عودته من العمل إلى منزله فى منطقة برونكس. وكان على بعد مبنيين من بلوغ مقصده حين اقترب منه رجل مسلح، وطلب منه هاتفه. وحين رفض منحه إياه، أطلق رصاصة أصابته فى الصدر. فلفظ أنفاسه الأخيرة على قارعة الرصيف.

والسارق، دومينك دافيس وفق تحقيقات الشرطة، لم يمس محفظة القتيل على رغم أنها تحتوى على 400 دولار. واكتفى بسرقة الهاتف الذائع الصيت.

مقتل الشاب الصغير، لم يكن مجرد حادث عابر، وإنما عكس ما يمكن وصفه بـ "تجارة سرية معولمة لسرقة الهواتف الذكية"، حيث يتم شحنها إلى مناطق قصية فى المعمورة وتباع إلى مستهلكين فى آسيا، وأوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية. ويقدر حجم سوق هذه التجارة بحوالى 30 بليون دولار سنوياً، وفق شكرة لوك آوت للهواتف فى سان فرانسيسكو.

ووراء ازدهار هذه التجارة السوداء العالمية عدد من الأسباب، منها إجراءات قانونية أميركية محلية أُرسيت بالتعاون مع شركات بث الهاتف اللاسلكى ترمى إلى جعل بيع الهاتف المسروق متعذراً على أراضيها. لذا، لجأ المجرمون إلى تسويق «سلعهم» فى الخارج باحثين عن أسواق خارجية. ومن هذه الأسباب كذلك، نموذج الأعمال الأميركى الفريد من نوعه: فشركات البث الهاتفى تساهم فى سداد كلفة الهاتف، على خلاف معظم الدول الأخرى التى يرمى فيها على عاتق المستهلك دفع سعر التجزئة كاملاً. فهاتف الآيفون الذى يباع فى أميركا بـ250 دولاراً، يُشترى فى شوارع ريو دى جانيرو بـ800 دولار.

وازدهرت هذه التجارة غير المشروعة، وبلغت مبلغاً استقطب منظمات الجريمة المنظمة ومنظمات إرهابية من عصابات المخدرات المكسيكية إلى «حزب الله». وحصة الهواتف الذكية من السرقات فى أبرز المدن الأميركية تبلغ حوالى 40 فى المئة، وفق لجنة الاتصالات الفيديرالية التى تجمع الإحصاءات من أقسام الشرطة. وزادت نسبة هذا الضرب من السرقات فى واشنطن العاصمة 54 فى المئة فى 2011 عما كانت عليه فى 2007.

ويقول الناطق باسم شرطة نيويورك، بول براوني، إن جهاز «آيفون» هو أكثر أهداف اللصوص «جاذبية» وهو الأكثر رواجاً فى أوساطهم. وحين يقطعون طريق مجموعة من الأشخاص، يطلب السارقون من ضحايهم تسليمهم «الآيفون»، وإذا كانوا يحملون غيره من ماركات الهواتف الذكية مثل سامسونغ، يتركونهم فى سبيلهم.

ويهرّب عدد كبير من الهواتف المسروقة فى الضفة الغربية الأميركية إلى المكسيك، ويستخدم تجار المخدرات عدداً منها للاتصال بأهالى المخطوفين وطلب الفدية. فهذه الهواتف غير مسجلة فى المكسيك، ويصعب تقصى هوية صاحبها. لذا، أبرمت الحكومتان الأميركية والمكسيكية اتفاقاً يقضى بشل الهواتف المسروقة عن العمل على أراضى البلدين. وفى 2009، اعتقل وكلاء فيديراليون عنصراً من «حزب الله» فى فيلادلفيا كان يسعى إلى شراء آلاف الأجهزة الخليوية المسروقة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية من عميل متخفٍّ لبيعها فى الإمارات العربية المتحدة وهونغ كونغ. وأموال تجارته هذه تستخدم فى تمويل «حزب الله».

وشبكة الهواتف المسروقة معقدة وهى تشبه أخطبوطاً كثير الأذرع: البائع الذى يشترى المسروقات «بالجملة» والقرصان الإلكترونى الذى يفك «قفل» الهاتف ويعيد «الحياة» إليه، وموظفون يتولون تعبئة الهواتف فى صناديق جديدة مرفقة بدليل استعمال بلغة الزبائن المحتملين.

• نقلاً عن هافينجتون بوست

الجريدة الرسمية