رئيس التحرير
عصام كامل

المقاتلون الأوروبيون بسوريا ليسوا جميعًا من "القاعدة"


زعمت الحكومة السورية، فى أوقات مختلفة ولأسباب مختلفة، أن العديد من المقاتلين المنخرطين فى الصراع الحالى هم من الأجانب، لكن لأرقام التى لدينا لا تدعم هذا الادعاء، وحتى عند وضع التقديرات الأكثر تحرراً لأعداد المقاتلين الأجانب على مدار مجمل الصراع (5,500) جنباً إلى جنب مع التقديرات الأكثر تحفظاً للحجم الحالى لقوات الثوار (60.000)، لن يمثل الأجانب سوى أقل من 10%.. ومن المرجح أن يكون الرقم الفعلى أقل من ذلك.


ويمكننا القول بأن التأثير والقيمة العسكرية للمقاتلين الأجانب قد تكون غير تناسبية عند مقارنتها بالقوات المجندة محلياً، فى ضوء زيادة احتمالية مشاركة هؤلاء الأجانب فى صراعات سابقة مثل تلك التى حدثت فى ليبيا والعراق، ومن ثم امتلاكهم تجارب ومهارات يفتقر إليها المحليون.

ويصف العديد من المحللين والمنافذ الإعلامية المقاتلين الأجانب بأنهم إرهابيون أو متحالفون مع تنظيم «القاعدة».. لكن الواقع هو أكثر تعقيداً، حيث ينبغى الالتفات إلى أنه ليس جميع الأفراد المنضمين إلى قوات الثوار فى سوريا هم من أصحاب التوجهات الجهادية، كما لا ترتبط جميع الجماعات الجهادية بـتنظيم «القاعدة»، وعلاوة على ذلك، ليس كل من انضم إلى جماعة جهادية تدفعه وجهة نظر عالمية جهادية متكاملة الأركان.

والأسباب الأكثر شيوعاً للانضمام إلى قوات الثوار هى الصور المروعة للصراع والقصص عن الفظائع التى ارتكبتها القوات الحكومية والغياب المتصور للدعم من البلدان الغربية والدول العربية، وفى حالات عديدة، يتبنى هؤلاء الأفراد كلية الأيديولوجية والعقيدة الجهادية، فقط عندما يكونون على أرض المعركة ويتواصلون مع المقاتلين المتشددين، ومن المهم أن نلاحظ أمراً هاماً عند مناقشة ظاهرة المقاتلين الأجانب فى سوريا.. "ليس جميع من انضموا إلى الثوار السوريين هم من تنظيم القاعدة"، كما أن عدداً محدوداً فقط ربما ينخرط فى أعمال إرهابية بعد العودة إلى أوروبا.

وبالتالى سيكون من الخطأ أن نخلص إلى أن الأفراد الذين تدربوا وحاربوا فى سوريا لا يشكلون أى تهديد محتمل، إذ تظهر العديد من الدراسات أن الأفراد الذين تلقوا تدريباً فى الخارج أو لهم خبرة فى القتال تورطوا بشكل بارز فى عمليات إرهابية داخل الأراضى الأوروبية، وعلاوة على ذلك، وفقاً لدراسة نشرت مؤخراً من قبل الأكاديمى النرويجى توماس هيجهامر، فإن الإرهابيين الذين اكتسبوا خبرات فى الخارج هم أكثر فتكاً وخطورة وحنكة من أولئك التابعين لخلايا محلية بحتة.

وتظهر ذلك الدرجة الكبيرة التى حشد بها الصراع السورى المسلمين عبر أنحاء العالم، ويمكن مقارنتها بالصراعات فى العراق فى العقد الماضى، وفى البوسنة فى تسعينيات القرن الماضى، وأفغانستان فى الثمانينيات.. واستناداً إلى مقياس التجنيد وحده الجارى على قدم وساق، فقد تلقت أجهزة الأمن الأوروبية تعليمات جيدة بمراقبة الوضع عن كثب وإقرار نهج عالى التمييز يكون تحت قيادة المخابرات للتعامل مع المقاتلين العائدين.

• نقلاً عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى..
الجريدة الرسمية