رئيس التحرير
عصام كامل

مشيرة خطاب رسالة مصر للعالم


منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة -اليونسكو- واحدة من مؤسسات الأمم المتحدة التي تقوم بأدوار تربوية وعلمية وثقافية مهمة من شأنها تقديم إطلالات مهمة حول ثقافة الآخر، ودعم العلم وتبني نماذج تربوية من شأنها الاهتمام بتراث الإنسانية دون تهميش أو إقصاء أو تغييب وهي ذاتها المنظمة التي أعلنت مصر عن مرشح لها لتولي منصب المدير العام فيها، إيمانا منا بدور مصر في الإسهام الحضاري.


وتصبح الدكتورة مشيرة خطاب في حال فوزها هي المدير العام العربى الأول والمرشح الوحيد المنتمي إلى منطقة الشرق الأوسط، الذي يتولى هذا الملف المهم في وقت تهتز فيه منطقتنا تحت وطأة فوضى مزعجة وموجات من الردة الحضارية الأكثر خطرا على تراث الإنسانية في وادٍ هو وعاء الحضارات الإنسانية وأصلها ومخزنها الذي لا يزال يبوح بأسراره وتفاصيله وكنوزه.

كان المدير العام الأول هو البريطانى جوليان هكسلي ثم تبعه مكسيكيا وكان المدير الثالث والرابع أمريكيين في حين تولاها إيطالي خامس ثم سادس فرنسي الجنسية، وحظيت السنغال بتولي المنصب السابع، أما الثامن فقد كان إسبانيا والتاسع يابانيا، لنصل إلى المحطة العاشرة التي تتولاها البلغارية إيرينا بوكوفا ويأتي الدور بإذن الله تعالى على المدير العام الحادى عشر وهي الدكتورة مشيرة خطاب أقوى المرشحين حتى الآن.

ظل المنصب رجاليا حتى إيرينا بوكوفا وقد يمتد نسائيا بتولى مشيرة خطاب المرأة التي قدمت نفسها للعالم من خلال منصات دبلوماسية ومحطات إنسانية هامة، فقد عملت في عدة مواقع تمتد من أوروبا إلى أمريكا إلى بعض بلدان آسيا وهي العربية الأفريقية التي تنتمي إلى منطقة النار وأكثر بقاع الأرض سخونة هذه الأيام وهي صاحبة كاريزما تدفعها دفعا للفوز بالمنصب ليصبح إسهام مصر الحضاري في هذا التوقيت ذات دلالات هامة وتأثيرات أهم.

وترفض مشيرة خطاب فوزها بالمنصب من فوق منصة المرأة وترى ونرى معها أنها صاحبة تاريخ طويل في العمل الأممى وصاحبة تجربة دبلوماسية تنتمي إلى هذا النوع الإنسانى الأكثر رقيا في العالم كله حيث ظلت إطلالات مصر وعلى مدى تاريخها الدبلوماسي واحدة من الدول الداعية إلى السلام والتسامح ولم تتورط في يوم من الأيام في صراعات الدم والحروب والدمار وهي المنتمية إلى دار تحظى بكنوز حضارية هي الأهم على مستوى العالم كله.

إذن فوز مشيرة خطاب يضيف إلى المنصب جذورا تاريخية هامة ويضيف إلى منطقتنا الملتهبة إطلالة أمل وسط ركام الحروب الأهلية والصراعات الدولية على مسرح أرضنا التي لم تهنأ يوما بالسلام مع أنها صانعة السلام والوئام والمحبة، ولم يعكر صفوها إلا حقبة نفطية جعلتها أرض الصراع والنهب والدمار العالمي.

ولعل إطلاق مبادرة دعم مشيرة خطاب في مؤتمر الشباب يحمل دلالات أكثر عمقا للداخل المصرى والعربى في وقت نشب فيه الصراع بين الأجيال، ليؤكد من جديد أن التواصل بين مختلف الأجيال هو الضرورة الملحة الآن ويحمل رسالة لها مغزى في حديث البحث عن قدوة.. نعم مشيرة خطاب نموذج للقدوة والمثل.. نموذج للعمل الإنسانى الذي يبقى ويستمر ويدفع إلى تقديم صورة مشرقة عن مصر الحضارة والتاريخ والقدرة على العطاء الإنسانى.

فوز مشيرة خطاب أبعد من منصب دولى وأعمق من تولي مسئولية عالمية؛ مشيرة خطاب رسالة سلام للعالم وجزء من صناعة التاريخ الإنسانى الذي لم تتخلف مصر يوما عنه.. مصر تولت أعلى منصب دولي عندما أصبح بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة وفازت بنوبل للآداب ونوبل في العلوم وقبل هذا كله نوبل في السلام.. مصر في محيطها العربي والأفريقي لا تزال رغم وهنها وضعفها أكبر منتج للعلماء والآداب والمفكرين.
الجريدة الرسمية