رئيس التحرير
عصام كامل

كهنة الإسلام


لكل واحدٍ منا مهنة يرتزق منها، فما هي المهن التي يعمل بها الدعاة الجدد أصحاب الفطرة البيضاء والجلباب الأبيض والكرش المنتفخ؟ سيقول أحدكم: مهنتهم هي الدعوة للدين ومنها يرتزقون! ومن خلالها أصبحوا من أصحاب الثروات الطائلة! والعقارات الشاهقة، يلقون مواعظهم على أتباع لهم يجلسون منشدهين يبحلقون في وجوه أولئك الدعاة، ويتصورون أنهم يجلسون بين يدي أعلم أهل الأرض، ويحملون في ضمائرهم معتقدات تعطي هؤلاء "الأحبار" الجدد قدرًا كبيرًا من القداسة، فليس لواحد منهم أن يتجرأ وينتقد فتوى للحبر الأعظم وإلا يكون بذلك قد أكل لحما مسموما فلحوم "الأحبار والكهان" مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، كما أن هؤلاء الدعاة ثبت باليقين يا ولداه أنهم من أولياء الله، والحديث القدسي يقول: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب"..


ولذلك ليس لك أيها المسكين أن تناقش إلا لكي تفهم، فمن أنت أيها "الفسل" الذي خوفوه بعبارات "زجر السفهاء عن انتقاد العلماء" أنت في نظر أسيادك واحد من العامة والسوقة والدهماء، ليس لك إلا أن تسمع فقط، ضع عقلك في أذنيك واستمع جيدا لسيدك الذي أوتي من كل علم سببا، ثم أوتي علم أهل الأرض في الحديث، لا تسأل عن مهنة سيدك أيها العبد، فهل العبيد يسألون؟! يكفيك شرفا أن تدعه يستخرج من جيبك قروشك القليلة، لا تظن أنه سيغنمها لنفسه ولكنه سينفقها في سبيل الله، أليست الدعوة بابا من أبواب الإنفاق؟! أما السلف الذين قالوا: "لإن أرتزق بالرقص أهون من أن أرتزق بالدين"، فلا تأخذوا منهم، فالذي قال هذا ليس من "السلف" ولكنه من "التلف".

كان أبو حنيفة وأصحابه من فقهاء العصور الأولى يرتدون من الملابس ما يرتديه باقي الناس في مجتمعاتهم، ثم إذا بنا بعد ذلك وفي عصور متقدمة نرى علماء الأزهر وطلبته يرتدون ملابس مميزة تميزهم عن باقي الناس، وهذه هي عين الكهانة، عالم الأزهر يختلف عن باقي الناس لأنه في عرفهم هو صاحب التوقيع نيابة عن الله سبحانه، فكيف يكون مثل الناس، وعندما تقوم القنوات التليفزيونية والشبكات الإذاعية بعمل برنامج ديني فإنها تطلق عليه اسم "رأي الدين" أو "أنت تسأل والإسلام يجيب"، ولا تظن أنك ستسمع السيد دين وهو يتحدث معكم، أو السيد إسلام يحاورك، ولكنك ستسمع الشيخ حسن أو محمود أو فتحي وهو يتحدث، ولكن هذا الشيخ سيترك أثرا في نفسك بأن ما قاله هو قول الدين، وهذا هو عين الكهانة، هؤلاء يا صديقي ليسوا دعاة ولكنهم كهنة.
الجريدة الرسمية