خيبة الأحزاب السياسية
الأحزاب السياسية المصرية سواء منها القديمة أو الجديدة التي انتشرت وتعددت حتى وصلت إلى المئات، تمر هي وعدد من الناشطين السياسيين والمثقفين الأدعياء بخيبة كبرى!
والدليل على ذلك فرحة هذه الأحزاب الطاغية بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا بصدور قرارها بعدم دستورية المادة الثامنة من قانون تنظيم التظاهر والتي لا تكتفي بالإخطار، وإنما تتوقف المساءلة على موافقة وزارة الداخلية أو رفضها التظاهرة.
وهذه الفرحة الطاغية يمكن أن تفسر في أحد جوانبها أنها ليست على الإطلاق تأكيدًا للحق في التعبير السلمي عن الرأي، ولكن كأن وظيفة هذه الأحزاب السياسية هي التظاهر!
مع أنه وفق كل الممارسات الديمقراطية الصحيحة أن الحزب السياسي –أيًا كان توجهه- يمينيا أو وسطيا أو يساريا- عليه أن يقدم للجماهير رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية متكاملة، وخصوصًا لو كان يمثل المعارضة للحكومة القائمة.
غير أن الواقع المؤسف أن هذه الأحزاب السياسية مفلسة فكريا إفلاسا كبيرا؛ لأنها لا تمتلك أي رؤية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية محددة.
وقد حاولنا في «المركز العربي للبحوث» أن نسد هذا النقص الفاضح بإعداد ونشر مجموعة من الأبحاث المتكاملة صدرت في كتاب بعنوان «الدولة التنموية»، حرره كاتب المقال مع مجموعة من الخبراء المرموقين، وعنوانه الفرعي الدال «تحليل نقدي للمشكلات وسياسات بديلة».
وحكمة هذا العنوان الفرعي ضرورة ممارسة النقد الاجتماعي المسئول للسياسات القائمة، ليس ذلك فقط، ولكن تقديم سياسات بديلة أكثر فعالية.
صدر هذا الكتاب وقمنا بتوزيعه مجانًا على النخبة السياسية والثقافية في الوقت الذي عقدت فيه سبعة أحزاب مؤتمرًا أعدت فيه مجموعة من الأوراق البحثية المتواضعة تواضعا شديدا، مما يدل على أن هذه الأحزاب لا تمتلك –للأسف الشديد- أي تفكير منتج فعال!
ومع كل ذلك أقامت هذه الأحزاب السياسية الكرتونية الأفراح والليالي الملاح بمناسبة صدور حكم المحكمة الدستورية العليا، وكأنها تريد العودة إلى حقبة المرحلة الانتقالية، حيث اختلطت الثورة بالفوضى!
أما الأدعياء من المثقفين والناشطين السياسيين فيبدو أن كل بضاعتهم هي التظاهر! ولكن أين هي الرؤى البديلة لما هو قائم؟ لا جواب!
eyassin@ahram.org.eg