رئيس التحرير
عصام كامل

الفريضة الغائبة!


لا أجافي الحقيقة إذا قلت إن الوزير- أي وزير- يملك وحده سلطة الاختيار والتقييم والمحاسبة والإقالة لمرءوسيه.. لكن تحمل المسئولية فريضة غائبة عن مسئولينا أغلبهم أو بعضهم.. رأينا ذلك بوضوح في قضية فساد توريد القمح، وقبلها قضية الفساد الكبير في وزارة الزراعة.. ولم يكن بعيدًا عن ذلك ما رأيناه على عهد مبارك من سرقة لوحة زهرة الخشخاش وكيف قذف وزير الثقافة وقتها بالتهمة في وجه مسئول المتاحف بالوزارة الذي عاد هو الآخر باللائمة على الوزير في التحقيقات.. فهل كان لشيء من ذلك أن يحدث لو كان الوزير حاسمًا من البداية.. أو كانت مهام كبار مرءوسيه محددة بدقة ووضوح؟!


نفس الأمر ينطبق على قضية "العلاج على نفقة الدولة" التي تربح منها البعض ملايين الجنيهات.. وكيف ألقي وزير الصحة بالاتهامات في وجه مساعديه نافضًا يديه من أخطائهم جملة وتفصيلًا دون أن يسأل نفسه: من اختارهم لشغل تلك المواقع.. ولماذا تركهم يتمادون في أخطائهم دون مراجعة أو محاسبة رغم امتلاكه هذا الحق بلا منازع.. لماذا تركهم يهددون موارد الدولة ويتلاعبون في أخطر ملفاتها وهو صحة المصريين خصوصًا الفقراء.. وللأسف تكرر الأمر ذاته بصور شتى في وزارات عديدة لتتأكد لنا حقيقة لا مفر منها للأسف، وهي غياب الثقافة السياسية الرشيدة أو غياب شجاعة الاعتراف بالمسئولية السياسية في مجتمعاتنا..

فمسئولية الوزير ضمنية عن أخطاء مرءوسيه في كل الدول الديمقراطية أو حتى غير الديمقراطية؛ ومن ثم فالطبيعي هناك أن يبادر المخطئ إلى الاعتراف أولًا بالخطأ، ثم الاعتذار عنه أو الاستقالة وانتظار المساءلة التي لا يطول انتظارها في إطار الرقابة الشعبية والبرلمانية اللصيقة؛ الأمر الذي يعكس فهمًا عميقًا لحدود المنصب الوزاري ومقتضياته السياسية.. وكم رأينا رؤساء وزارات ووزراء يقدمون استقالاتهم طوعًا لمجرد وقوع حادثة هنا أو مشكلة هناك ينتج عنها إيذاء للمواطنين بدرجة أو بأخرى فما بالنا بالفاجعة والكارثة؟!
الجريدة الرسمية