رئيس التحرير
عصام كامل

لا تصالح


تثبت الوقائع يومًا بعد يوم أن التصالح مع أعداء الحياة جريمة ارتكبت ولا يزال يطالب بارتكابها بعضنا ضد الأجيال القادمة والحالية وضد تقدم مصر وتطورها.. معركة مصر ليست مع إرهابيين تورطوا في الدم.. معركة مصر مع فكر ينتشر يومًا بعد يوم.. فكر يقف ضد التطور وضد الحياة.. فكر غريب عن بلادنا استوردناه من الحقبة النفطية عندما سلمنا أبناءنا لأفكار هي الأبعد عن التدين المصري المتعارف عليه تاريخيًا.


معركة مصر القادمة ستشهد تضحيات أكبر من القتل والحرق والتخريب.. معركتنا القادمة يجب أن تكون مع الفكر الإرهابي الوهابي.. مع كل ما هو غريب وشاذ عن العقلية الإيمانية المصرية.. سبعينيات القرن الماضي وما تلاها أدخلت إلى بلادنا عدوًا غاشمًا، عدوًا لعب في العقل وتلاعب بالإيمان واختطف إسلامنا وسلمنا غيره إسلامًا بلا روح، إسلامًا غايته الكبرى في الحياة هي القتل.

أتوقع وبعد قليل أن نشهد صراعًا قد يصل إلى الدم عندما نقترب أكثر من فكرة نقـــد الفكر السلفي الوهابي الدموي.. عندما نعلن الحرب على أتباع الوهابية في مصر.. عندما نخوض حربًا فكرية وأمنية وتعليمية ضد طيور الظلام.. ضد الأفكار المتحجرة.. ضد أفكار رفض الآخر وإنكاره وقتله وسبيه والتمتع به.

المثير أن بعضنا قد يُفاجأ عندما يكتشف أن دولة أخرى خلقت لها أتباعًا بدين جديد على أرض مصر.. دين لا علاقة له بديانات مصر كلها.. دين يؤمن بالقتل ويؤمن بالحــرق ويتعامل مع الآخر باعتباره كافرًا.. ماله حلال ودمه حلال ونساؤه حلال وأطفاله عبيد يباعون في الأسواق.. مصر قادمة إلى معركة مصيـــر.. معركة تحريرها من الكفـــر بالحياة.. معركة الدين الجديد الوافد إلينا عبر حقبة نفطية ما رأينا منها إلا كل شـــر.

شهداء الكنيسة البطرسية لن يكونوا آخر الشهداء عندما نصطف في جماعة واحدة لنطارد الأفكار بتعليم جديد.. بتحرير المدارس والجامعات من أتباع ديانة القتــل والتدمير والتخريب.. عندما نحرر مدارسنا من عقول عفا عليها الزمن.. عندما نحرر مصانعنا ونفرغ عقول أبنائنا ونزرع في حقولنا بذور ديننا الأصلية.. معركة مصر القادمة أكبر من تصورات أغلبنا وأعظم من كل حروب خضناها فتحريــر العقل أقدس من تحريــر الأرض.
الجريدة الرسمية