رئيس التحرير
عصام كامل

4 دول أنقذها التعليم.. سنغافورة من شبه دولة إلى المركز الأول عالميا.. الاستثمار بالمدارس والجامعات سر نجاح الثورة التونسية.. العلم يواجه الإرهاب في فرنسا.. واليابان تنهض بعد هيروشيما



يُحكى عن الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول الذي أنقذ بلاده مرتين على الأقل، أن سؤاله الأول عندما دخل باريس محررًا في نهاية الحرب العالمية الثانية بعد رفع الاحتلال النازي، كان: "كيف حال التعليم والقضاء؟" فأجابه مستقبلوه: "إنهما بخير"، فكان رده: "إذن لم تسقط فرنسا، وكل ما ضاع تمكن استعادته، واﻹضافة إليه بسهولة".


مقولة أثبتتها الأيام، بعد أن حققت الدولة التي تحتل المركز الـ27 في مجال التعليم حول العالم جميع أشكال التطور الحضاري والاقتصادي والعسكري، فاحتلت المركز الثاني للدول المُصدرة للسلاح في العالم، ثم جاءت الصين لتتقدم عليها لتتراجع فرنسا إلى المركز الثالث، فضلًا عن احتلالها المركز الأول للدول المُستقطبة للسياح بأكثر من 85 مليون سائح سنويًا.

العلم مضاد للرصاص

ولم يكن الطريق إلى تطور فرنسا والحفاظ على ذاك التطور مليئًا بالورود، فالعمليات الإرهابية كانت ندًا قويًا أمام عملية الاستقرار، وخاصةً "هجمات باريس" في نوفمبر 2015، وهي سلسلة هجمات إرهابية منسقة شملت عمليات إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن حدثت في مساء يوم 13 نوفمبر 2015 في العاصمة الفرنسية باريس، تحديدًا في الدائرة العاشرة والحادية عشرة في مسرح باتاكلان وشارع بيشا وشارع أليبار وشارع دي شارون، حيث كان هناك ثلاثة تفجيرات انتحارية في محيط ملعب فرنسا في ضاحية باريس الشمالية وتحديدًا في سان دوني، بالإضافة لتفجير انتحاري آخر وسلسلة من عمليات القتل الجماعي بالرصاص في أربعة مواقع، إلا أن العلم كان سلاحًا فتاكًا في مواجهة الإرهاب والإرهابيين.

ثلث ميزانية تونس للتعليم

وعن دولة تونس، فقد أنقذها قرار واحد اتخذه الحبيب بورقيبة، أول رئيس للجمهورية التونسية، مفاده تخصيص نحو ثلث ميزانية الدولة للتربية والتعليم ونحو نصفها للتنمية البشرية والاجتماعية.

بنى ذاك القرار أساسات الجمهورية التونسية وشعبها وفكرهم، الذي كان السبب الوحيد خلف نجاح تجربة الثورة التونسية والتي تعرف بثورة الحرية والكرامة، وهي ثورة شعبية اندلعت أحداثها في 17 ديسمبر 2010 تضامنًا مع الشاب محمد البوعزيزي الذي قام بإضرام النار في جسده في نفس اليوم تعبيرًا عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها من قبل الشرطية "فادية حمدي" وقد توفي البوعزيزي يوم الثلاثاء الموافق 4 يناير 2011 في مستشفى بن عروس أطلق عليه اسمه بعد ذلك وهو مستشفى محمد البوعزيزي بسبب حروقه البالغة، أدى ذلك إلى اندلاع شرارة المظاهرات في يوم 18 ديسمبر 2010 وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم.

ورغم الفوضى والاشتباكات بين الشعب وقوات الأمن إلا أن التعليم كان بمثابة "طوق النجاة لهم" ليخرج من عمق الفوضى، ضوء الأمل، ثم مع مرور عدة سنوات، أثبتت التجربة التونسية نجاحها.

شعبها أهم مواردها

كما أن قصة نجاح سنغافورة من الصفر إلى أعلى المراكز العالمية عن طريق الاهتمام بالتعليم، الآن تحتل المركز الأول عالميًا في التعليم، تعد أحد أكثر القصص المُحفزة على تطور الدول على الإطلاق، وتبدأ أحداث تلك القصة من عام 1965 بعدما انفصلت ماليزيا عن سنغافورة وفي تلك الفترة كانت سنغافورة دولة صغيرة بلا أدنى موارد، وطلب رئيس سنغافورة آنذاك مساعدات مالية من مصر لكن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رفض الطلب.

وفي الوقت الراهن يتميز اقتصاد سنغافورة بدرجة عالية من التطور، فقبل الستينيات من القرن العشرين كانت سنغافورة دولة تجارية، إلا أنه منذ ذلك الوقت تطور الاقتصاد وأصبح أكثر تنوعًا وأصبحت سنغافورة مركزًا ماليًا وتجاريًا وسياحيًا مهمًا.

ويبلغ دخل الفرد من الناتج الوطني الإجمالي سنويًا نحو 17،598 دولارا أمريكيا، ويعد دخل الفرد السنوي من أعلى المعدلات في آسيا، ويتمتع الناس في سنغافورة بمستوى مرتفع من المعيشة، والرعاية الاجتماعية، فهناك طبيب لكل 837 شخصًا، وسرير في مستشفى حكومي لكل 269 شخصًا.

ورغم نقص الموارد الطبيعية في سنغافورة، إلا أن شعبها هو أهم مواردها، ويُعدّ معدل البطالة في سنغافورة منخفضَا إذ يبلغ نحو 2%، ويعمل نحو 28% من القوة العاملة في التصنيع، و23% في التجارة، و22% في خدمات المجتمع والخدمات الاجتماعية والشخصية، و10% في النقل والتخزين والاتصالات.

نهوض هيروشيما

في اليوم السادس من شهر أغسطس عام 1945 وتحديدًا في الساعة الثامنة والربع صباحًا بالتوقيت المحلي تم أول تفجير نووي مستهدفًا البشر في التاريخ في مدينة هيروشيما اليابانية، لتتحول إلى أنقاض، ولمدة سنوات عانى اليابانيون التشوهات الخلقية جراء الإشعاع الناتج عن القنبلة، فضلًا عن تلوث المياه والتربة وجميع مصادر الحياة.

واليوم، تعد اليابان الحاصلة على المركز الثاني عالميًا في التعليم، واحدة من أكثر الدول تقدمًا في العالم، ويحتل ناتجها القومي، المرتبة الثالثة على مستوى العالم، كما تتمتع العلامات التجارية اليابانية مثل "تويوتا"، و"سوني"، "فوجي فيلم" و"باناسونيك" بشهرة عالمية.

استمدت اليابان مكانتها العالمية بالاعتماد على الصناعة الثقيلة القائمة على تحويل المواد الأولية المستوردة فهي أول منتج للحديد والصلب في العالم وثالث قوة في تكرير البترول، أول منتج للسيارات وتساهم بـ40% من الإنتاج العالمي للسفن.

كما تعد اليابان ثالث قوة تجارية في العالم ويسجل الميزان التجاري الياباني ربحا سنويا وذلك بتصدير المواد المصنعة ووضع قيود جمركية على المواد المصنعة الأجنبية وبذلك يساهم بـ7% من التجارة العالمية.
الجريدة الرسمية