أزمة صنع القرار
أصبح جليا وواضحا وضوح الشمس أن هناك في مصر المحروسة أزمة كبرى في مجال صنع القرار.. ويظهر ذلك في العديد من القرارات التي صدرت متسرعة بغير دراسة عميقة ودون توقع لردود الأفعال الشعبية عليها، أو صدرت بطيئة بطئا قاتلا بعد أن تكون الأضرار الفادحة على كل المستويات قد حدثت بالفعل!
يحدث ذلك مع أن قواعد صنع القرار معروفة في العالم كله من خلال بحوث علم الإدارة.
وهذه البحوث نصت منذ زمان بعيد على ضرورة دراسة الواقع الذي يراد تغييره دراسة عميقة وبطريقة علمية، أهمها على الإطلاق استخدام المؤشرات الكمية والكيفية في تصوير الواقع الموجود، وفى تصور الوضع المستقبلي.
غير أن أهم قواعد صنع القرار هو عدم الخضوع المطلق لآراء الخبراء الفنيين الذين قد لا يتمتعون بالرؤية السياسية الواجبة؛ لأن إحدى القواعد الأساسية في صنع القرار هي الملاءمة السياسية.
وتعي ذلك بكل بساطة توقع ردود الأفعال الفئوية أو الجماهيرية على القرار لو كان هناك اتجاه لرفضه أو عدم قبوله، وسأكتفي بأن أضرب مثلين بارزين على أزمة صنع القرار في مصر.
المثل الأول واقعة نقابة الصحفيين وما دار فيها وما أدى إليه قرار الأمن باقتحام مبنى النقابة للقبض على شخصين متهمين بتهم محددة، وأخطر من ذلك تقديم نقيب الصحفيين ووكيل النقابة إلى النيابة لمحاكمتها وصدور حكم عن المحكمة المختصة بحبسهما.
هذه قرارات تفتقر إلى أبسط قواعد صنع القرار؛ وذلك لأنه كان يمكن حل المشكلة لو تم استدعاء النقيب والتفاهم معه على تسليم المتهمين دون التدخل العنيف، ومعنى ذلك أننا كنا تلافينا ظهور الدولة وكأنها تعادى جموع الصحفيين وليس هذا صحيحًا.
والقرار الثانى الخاص بطرح بعض الأراضى التي تقع في النوبة القديمة لشركات استثمارية، ومعنى ذلك حرمان النوبيين الذين ضحوا تضحيات جسيمة بعد بناء القناطر والسد العالى على الخصوص من تملك هذه الأراضى وخصوصا "خور فندى".
الأزمة مازالت قائمة للأسف بعد الاحتجاجات العنيفة التي قام بها النوبيون ومازال صانع القرار يفكر ويفكر! أليس في هذا البلد سياسي رشيد؟
eyassin@ahram.org.eg