رئيس التحرير
عصام كامل

وتجاهلت بيان الخارجية الأمريكية بأن مصر آمنة !


التوك شو ترك قضايا الوطــن؛ تعليمه وصحته وشبابه وهجرته للخارج ووقوعه تحت أســر الإدمان والمخدرات والإلحاد والعزوف عن الشواغل العامة.. وتفرغ للخرافة والدجل وهتك الخصوصيات والخوض في الأعراض وتغييب العقول وطمس الضمائر.. ولم يُضبط واحد من تلك البرامج متلبسًا بالتركيز مثلًا على بيان أصدرته الخارجية الأمريكية مؤخرًا يؤكد أن مصر باتت آمنة تمامًا للسياحة، ومن ثم أصدرت لها خريطة خضراء..


أليس مثل هذا البيان مؤشرًا إيجابيًا على تحسن الأحوال والأمن بدرجة تجعل عودة السياحة لمعدلاتها قبل الثورة ممكنة بل مطلوبة بشدة.. فلماذا أعرضت عنه الفضائيات وبرامج التوك شو، بينما بثته صحف ومواقع عالمية ومنها الإندبندنت.. ألم يكن ذلك أهم وأفيد من الاهتمام بـــ "المهدي المنتظر" وإضاعة وقت المشاهدين في متابعة مثل الدجل الذي تعلم تلك القنوات يقينًا أنه محض خرافة وعبث ؟!

إعلام التنمية ومناقشة الشواغل الوطنية والقومية هو ما تحتاجه مصر في هذه المرحلة، مرحلة البناء والبقاء.. إعلام الرسالة وليس إعلام البقالة والسبوبة ولعبة القط والفأر ونفاق النخبة الفاسدة التي كانت أهم أسباب تعثرنا بعد ثورة يناير.. إعلام الخدمة لا إعلام السلعة الذي يوالي من يدفع أكثر، ولا يخدم إلا الأعداء بقصد أو دون قصد.. فكيف يصدر هذا الإعلام فكرة المصالحة مع الإخوان الذين صنعوها في البداية ثم عادوا وكذبوها.. وكانت الدولة مفترى عليها في الحالتين، ولم تبد أي نية لمثل هذه المصالحة المزعومــة.. وهل يمكن أن تتصالح الدولة من وراء ظهر الشعب ؟!

من الصعب أن تعثر على قواسم مشتركة أو قضايا وطنية تتبناها هذه القنوات مجتمعة أو فرادى.. ليس هناك برامج فكرية لمعالجة الإرهاب والتطرف أو إدماج أطفال الشوارع في المجتمع أو تطوير العشوائيات أو محاربة الغلاء أو سد النقص في الأدوية أو تغيير السلوكيات المرذولة للمجتمع، أو تغيير ثقافته المغلوطة عن العمل والإنتــاج، وتحويل القيم السلبية مثل التواكل والإسراف إلى قيم إيجابية تساعد في تحقيق التنمية الحقيقية للوطن.
الجريدة الرسمية