الدولة والصحافة
ما يدور الآن بين الدولة والصحافة ويمكن وصفه إلا أنه صراع غير ضروري وضار للغاية بالمسيرة الوطنية بعد ثورة 30 يونيو.. ولا نريد أن نسرد تطورات الأحداث التي انتهت بصدور قرار المحكمة بحبس نقيب الصحفيين ووكيل النقابة سنتين بتهمة الإيواء غير المشروع في مقر النقابة لصحفيين مطلوبين للأمن لأنها متهمان بتهم مختلفة.
وفى تصورنا أنه لم يكن هناك داع لاقتحام مقر النقابة للقبض على المطلوبين.. وذلك لأن الأمن لو كان قد طلب من النقيب تصحيح الوضع وإقناع من احتموا بمقر النقابة لتسليم أنفسهم حتى يأخذ القانون مجراه لكانت المشكلة قد تم حلها بهدوء ودون أي ضوضاء.
المشكلة الحقيقية –من وجهة نظرنا- أن عملية اتخاذ القرار في مثل هذه الحالات مع احترام القانون لا بد لها أن تضع في الحسبان اعتبارات الملاءمة السياسية.
وذلك لأنه لم يكن مرغوبا فيه بالمرة أن تظهر الدولة -مهما كان الجهاز الذي أصدر القرار- وكأنها تعادى الصحافة، أو لا يعنيها مخاصمة جموع الصحفيين والذين من المنطقى أن يحتشدوا لمؤازرة النقيب والدفاع عن استقلالية النقابة والتي لها تاريخ مشرف في الدفاع عن الحريات العامة عموما والحفاظ على حرية الصحافة ومنع تغول الدولة على الإعلام.
ومن الغريب بل إنه من المريب صدور الحكم عقب قرار رئيس الجمهورية إصدار "عفو رئاسى" عن أكثر من ثمانين شخصًا أودعوا السجون بناءً على تهم محددة قام القضاء بالتحقيق فيها.
وهذا القرار الرئاسى أحدث بهجة في قلوب الجميع لأنه كان نتيجة إيجابية لمؤتمر "شرم الشيخ" الذي تابع الرئيس "السيسي" كل جلساته وكان نموذجًا للحوار الديمقراطى المنتج بين الرئيس وأعضاء المؤتمر.
وبناءً عليه قرر الرئيس تشكيل لجنة أهلية للنظر في حالات المحبوسين وصدر فعلا وفى وقت قياسى قرار العفو.
وفى خضم الإحساس العام بالإنفراج في مجال علامة الدولة بالشباب إذا بحكم المحكمة بحبس نقيب الصحفيين ووكيل النقابة يصدر.. ولم تكن المسألة في حاجة إلى ذكاء كبير للتنبؤ بأن هذا الحكم يشوه بالضرورة صورة مصر في الخارج، كما أنه سينظر إليه في الداخل باعتباره نكسة بالنسبة لحرية الصحافة.
إن هذا الموقف منذ نشأته -وبغض النظر عن أخطاء النقابة- أدى إلى صدور حكم يحمل في طياته للأسف صورة من صور الإساءة إلى الذات!
eyassin@ahram.org.eg