رئيس التحرير
عصام كامل

وجوه أكلت على كل الموائد !


دعونا نتصارح بأن برامج التوك شو لم تكن يومًا ظهيرًا للثورة ولا مناصرًا للدولة، ولا مدافعة عن أحلام البسطاء بالصورة المطلوبة، بل كان أغلبها مواقد أشعلت الجدل والانقسام والعنف بين فئات المجتمع ومكوناته.. وربما حدث لأول مرة في مصر منذ خرجت إلى الوجود أن اختلف الناس وضاقت صدورهم بالاختلاف والشقاق بعد ثورة يناير، وأن تحدث شروخ وصدوع اجتماعية لم نعهدها من قبل بفضل هذا الإعلام المشحون المحرض، وهو ما سوف تعاني مصر من تبعاته كثيرًا.. لم يتورع الإعلام عن نفاق نخب ووجوه أكلت على كل الموائد، وفعلت الشيء ونقيضه، وأجادت لعبة التحول والنفاق خدمة لمصالحها..


كانت يومًا بوقًا لمبارك وحزبه ثم انتقلت لمربع الإخوان وحزبهم أيضًا ثم عادوا يداهنون الدولة ويغازلون أهل الحكم بعد زوال الإخوان عن المشهد.. تضخمت ثرواتهم بعد أن امتلأت الساحة بالممولين وتشابكت مصالحهم حتى صارت هي الحاكم لسلوكياتهم، وتعاملوا مع الوطن بمنطق أهل الصدقات والمغانم فإن أُعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون..

تساقطت الثمار في حجر فصيل بعينه سيطر على كل شيء أموالًا ومناصب ونفوذًا وظهورًا في إعلام لا تزال شاشاته تمارس هوايتها في التقسيم كل ليلة عبر برامج التوك شو.. فهذا خائن.. وذاك عميل.. هذا فاشل وذاك بطل مغوار.. أغرقت الناس في الحيرة والبلبلة بين السياسة والدين وتجار المصالح.. بين الثوار الأنقياء، ونشطاء السبوبة.. بين فلول الوطني وفلول الإخوان.. بين من امتلكوا كل شيء ولم يقنعوا بشيء، ولم يقدموا للوطن أي شيء.. ومن فقدوا كل شيء ولم يعودوا يأبهون ولا يرضون بشيء.
الجريدة الرسمية