رئيس التحرير
عصام كامل

مربو الدواجن في مصر.. «كتكوت ضعيف الجناح» (تقرير)


10 سنوات كاملة في عمر مربي الدواجن تخللها الصدام أكثر من الوئام مع الحكومات المتعاقبة في مصر، بفعل إهمال الدولة للصناعة الكبرى التي تصل استثماراته إلى 25 مليار جنيه وفق تقديرات وزارة الزراعة.


وخلال تلك السنوات ضربت صناعة الدواجن ونهضت أكثر من مرة، وطالما بقى المربون على قيد الحياة وبقت الحكومات تتعاقب بنفس الفكر فالصدام مستمر لا محالة.

2006
قبل عام 2006، كانت صناعة الدواجن المصرية في أزهى أوقاتها، مهنة مربحة وتنمو بمعدلات جيدة، ومع الوقت جذبت مستثمرين أكثر من مصر والدول العربية ساهموا في تحديث مدخلات الإنتاج وتحريك الصناعة إلى الأمام، حتى ظهر شبح فيروس إنفلونزا الطيور المرعب الذي دمر الصناعة جزئيا وهوي بها درجات كثيرة، لتبدأ من وقتها معاناة المربين مع الحكومات المتعاقبة بلا حلول جزرية، ليصبح المربي هو اضعف حلقات المطاردة بين الحكومة والعاملين في صناعة الدواجن.

تقول إحصائيات مستقلة: إن إنتاج الدواجن في مصر حتى عام 2006 وصل إلى نحو مليون دجاجة يوميا ونحو 7 مليارات بيضة سنويا تحقق بهم الاكتفاء الذاتى من البروتين الأبيض وفاض منه للتصدير حتى وصلت العوائد التصديرية للدواجن المصرية قبل ظهور إنفلونزا الطيور إلى 104 ملايين دولار سنويًا، قبل أن يغلق باب الاستيراد من مصر بسبب تفشي الإنفلونزا وتوطنها.

تعويضات الإنفلونزا
بعد نفوق وإعدام قطعان الدواجن مع ظهور الإنفلونزا أقدمت الحكومة عام 2006 على منح مربي الدواجن تعويضات مالية صرفها بنك الائتمان الزراعى وبلغت في مجملها 50 مليون جنيه عادت على العاملين في الصناعة بالمشكلات لا الحل بعد مطاردة بنك الائتمان للحاصلين على التعويضات ومطالبتهم بتسديدها كونها قروض وليست منحا أو تعويضات، رغم تأكيد اتحاد مربي الدواجن على أن الأموال الممنوحة للمربين هي في الأصل مبالغ تم تحويلها من الاتحاد إلى بنك الائتمان لصرفها للمربين، ورغم ذلك واجه أكثر من 1400 مربٍ وصاحب مزرعة مطاردات قضائية من البنك وتستمر الأزمة مع بعضهم إلى الآن لتضرب الأزمة مثالا لتعافي الدولة على صناعة وطنية تحتاج إلى الدعم لتنمو أكثر.

الأمراض
الإنفلونزا لم تكن الوحش الوحيد الذي يواجه صناعة الدواجن بل تسبب الهجمات الشرسة لأمراض الجهاز التنفسى للدواجن وخاصة مرض "الأى بى" المعدى فوفق دراسة أجراها المعمل القومى للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجني عام 2013، أجريت على 9 محافظات، أظهرت أن إنفلونزا الطيور شديدة الضراوة تمثل 15% من المسببات المرضية للدواجن، وأن الالتهاب الشعبي المعدي يمثل 45%، و"النيوكاسل" يمثل 25%، وباقي المشكلات الفيروسية 15%.

وخلال العام الماضي، ضربت الأمراض التنفسية بضراوة مزارع الدواجن الصغيرة التي تمثل 75% من الصناعة ووصلت نسب النفوق إلى أكثر من 50% من دورة التربية الواحدة وهو ما شكل خسائر كبيرة عجزت الدولة أمامها أن تقدم للمربين الدعم البيطري أو المادي المناسب لإنقاذ الصناعة وتركت الأمور بمبدأ "عدي يا ليلة" حتى انحسرت العدوى لينتظرها المربون مرة أخرى في موعدها.

العلف
ورغم الاكتفاء الذاتى الذي تحققه صناعة الدواجن في مصر بإنتاجها نحو 900 مليون طائر سنويا و20 مليون بطة و900 ألف ديك رومي إلا أن ذلك لم يشفع لها أمام الحكومات المتعاقبة لتلقى الدعم المناسب بتخفيض سعر العلف الذي يمثل 70% من مدخلات الصناعة برفع الجمارك عن واردات الذرة التي تستورد مصر منها 5 ملايين طن سنويا لأغراض تغذية الدواجن، فقفز طن العلف من 3500 جنيه إلى 6000 جنيه بفعل تحرير سعر الصرف لتترك الدولة المربي يواجه نيران الأسعار وحده، خاصة وأن الارتفاع الجنوني للأسعار يأتى مواكبًا لموسم الشتاء الذي تنشط فيه إنفلونزا الطيور التي ستزيد كميات النافق في المزارع بشكل كبير وهو ما يفاقم الخسائر.
الجريدة الرسمية