حتمية إعادة تسمية العملة المصرية
بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة المصرية، والتي تمثلت في تحرير سعر الصرف وتمثلت في رفع الدعم البسيط عن المحروقات وبعض المنتجات التموينية، وبذلك ارتفع سعر الدولار في البنوك المصرية والأجنبية إلى مستويات جديدة وتاريخية، والتي من الممكن أن تصل بسعر الدولار إلى مستويات أعلى من 20 جنيهًا.. الأمر الذي سيتبعه موجات تضخمية جديدة ستزيد من الضغط النفسي والمادى على سمعة العملة المصرية التي كانت في يوم ما تساوى أضعاف الدولار.
ومن السبل التي تتبعها بعض الدول في مواجهة هذه المعضلة –إعادة تسمية العملة الوطنية، وهى عملية تقوم من خلالها الحكومة بتغير شكل وقيمة العملة الوطنية من خلال إزالة عدد من الأصفار يتراوح ما بين صفر واحد أو عدد أكبر، وذلك لتعزيز العملة المحلية لدى الشعب وإلغاء النظرة السلبية تجاها، وعلى سبيل المثال في دولة تركيا تم تغيير شكل العملة الوطنية (الليرة) في عام 2005 لتحل الورقة النقدية 1 ليرة محل ورقة 1000000 ليرة وبذلك تكون تركيا قد أزالت 6 أصفار من عملتها، وألمانيا عام 1923 أزالت 12 صفرًا، وإسرائيل عام 1986 أزالت 3ة أصفار لتحل الورقة النقدية 1 شيكل محل 1000 شيكل، وطبعا قامت روسيا في العام 1998 بإزالة 3 أصفار ليحل الروبل الواحد محل 1000 روبل، وكذلك دولة بيلا روسيا في العام الحالي قامت بإلغاء 4 أصفار.
إن ارتفاع الأسعار في مصر بشكل مخيف ووصول مستوى التضخم العام لأكثر من 15% يحتم على القيادة المصرية في التفكير في إعادة تسمية الجنيه المصرى بإزالة صفر أو إثنين ليحل الجنيه الجديد محل العشرة جنيهات لو أزيل صفر واحد ومحل المائة جنيه لو أزيل صفرين، الأمر الذي سيجعلنا في العودة لتداول القروش مرة أخرى، وبذلك من الممكن أن يكون الدولار بجنيه ونصف الجنيه أو جنيهين، ولكن على القيادة المصرية المتمثلة في البنك المركزى ووزارة المالية العمل على الحد من التضخم بكل السبل، وعلى الحكومة المصرية أن تعمل بشكل جدى جدا للسيطرة على الأسعار.
وإذا تمت هذه الإجراءات سيكون له انعكاسات إيجابية على سيكولوجية الشعب المصرى والسوق المصرية وذلك بإعادة تسمية لأسعار الجنيه بصورة تعود معها المنطقية في العلاقة ما بين كلفة السلعة الحقيقية وسعر البيع المعتمد في السوق.. فنجد أن شطب صفرين من العملة المصرية هو بمثابة إعادة الأسعار لطبيعتها والحد من حجم التضخم المتزايد بشكل مخيف ولعل التجربة التركية والروسية والإسرائيلية البرازيلية خير مثال لنا للقدوم على هذه الخطوة التاريخية.
إن عملية إلغاء الأصفار من العملة التي تعاني من تضخم حتمًا سيحد من الآثار السلبية لما يشهده المجتمع من غلو في أسعار السلع والخدمات وسيعيد للعملة توازنها وثقلها حتى وإن كان من الجانب النفسي فقط، ولكن يظل أهم شرط لعملية إعادة التسمية لأى عملة وهو أن يجب على الدولة بإعادة هيكلة في الاقتصاد المصرى وخاصة في جانب السيطرة على الأسعار وإعادة هيكلة الأجور.