رئيس التحرير
عصام كامل

رشا الشايب تكتب: هوية فلسطين الإسلامية بين طمس العقيدة وصمت العالم


لم يكتف العدو الصهيوني باحتلال الأرض وبناء المستوطنات أو قتل الأبرياء العزل وسحقهم بل يسعى وبكل ضراوة وبمنتهى الدقة والتنظيم والاتقان المحكم إلى طمس الهوية الإسلامية للقدس وباقي المدن الفلسطينية الأخرى، وذلك وفقًا لمخططات صهيونية مدروسة طويلة الأجل.


وأذكر لكم بعض الانتهاكات الصهيونية المقززة في حق المسجد الأقصى وما يثيره ذلك من استفزازات لمشاعر المسلمين:
- السلطات الإسرائيلية اتخذت قرارات بإبعاد عدد كبير من المقدسين عن مدينتهم، مع إبعاد لكبار السن والنساء المصليات والأطفال وحراس المسجد الأقصى بالإضافة إلى اعتقال مئات آخرين والتي ترافقت مع العنف في التعامل مع الشخص الذي يتم اعتقاله بصورة "غير مبررة".

- اقتحام باحات المسجد الأقصى عدة مرات من آلاف المستوطنين اليهود برفقة المئات من الضباط والشرطيين الإسرائيليين وزيارات المستوطنين اليهود لساحات الحرم القدسي بأعداد كبيرة.

- منع المصلين من الوصول للمسجد الأقصى والاقتحامات المتواصلة من المستوطنين والمتطرفين والحاخامات اليهود لباحاته بحماية الشرطة الإسرائيلية.

- انتهاكات يرتكبها المستوطنون اليهود خلال اقتحامهم باحات المسجد الأقصى، منها تعمد أداء الصلوات التلمودية في أماكن قريبة من المصلين المسلمين، والاعتداء بالضرب أو رمي بعض القاذورات على المصلين أو في أماكن صلاتهم، وسب المصلين أو لعنهم أو تهديدهم بالقتل والذبح، الرقص والغناء، وتعمد التعري أمام المصلين، ومنعهم من الدخول لساحات الحرم القدسي في أوقات اقتحام المستوطنين.

- وأخيرًا مشروع قانون يناقش بالكنيست الإسرائيلي بمنع استخدام مكبرات الصوت لتلاوة الآذان للمسلمين، وتم مؤخرًا إدخال تعديل على القانون بمنع استخدام مكبرات الصوت للمسلمين فقط ويستثنى المسيحيين واليهود من هذا القانون.

تلك المخططات كانت تُطبق على مدى سنوات طوال، ولكن للأسف الشديد ومع صمت العالم المريب، سئم العدو الصهيوني الانتظار الطويل ولم يعد له طاقة على الصبر لطمس الهوية الإسلامية بالتدريج أو على مراحل، ولكن استعجل النتائج ليصل للأهداف التي لطالما تمناها وآمن بها.

أمام صمت العالم المفزع وصل التبجح الصهيوني إلى مستوى متقدم جدا من الفجور الصريح الناتج عن استعلاء وغرور مستفز بأنه لا توجد قوة في العالم قادرة على الصمود أمامه.

والغريب في ذلك أن هذه الانتهاكات التحريضية المتطرفة المتعصبة ضد المسلمين سواء "باقتحام الأقصى أو اعتقال المصلين أو منعهم من الصلاة أو استفزاز مشاعرهم أو منع آذان المسلمين" هي كلها سلوكيات تقيد الحرية الدينية، والتي تعتبر حق أساسي للإنسان وتندرج تحت المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتُعد أيضًا أحد أهم حقوق الإنسانالأساسية.

أليس هذا انتهاكًا صريحًا لمبادئ حقوق الإنسان؟
أين الشعارات الزائفة للدول التي تزعم أنها ديموقراطية؟
كيف نفسر صمتكم المخزي عن جرائم كهذه؟
ألا توضحوا لنا يا من تعلمونا مبادئ الديموقراطية والتعايش السلمى كما تدعون!!
ألا تتدخلوا لتطبقوا أقل القليل من الحقوق الأساسية للمواطن الفلسطيني المهدرة والمستباحة حقوقه !!
ولكن لا ألومكم أنتم فقط يا صنّاع المبادئ، ويا مؤلفي أسس الديمقراطية، ويا منقذي العالم من الظلم والاستبداد، ويامُدّعى الخير والتسامح وإنقاذ الشعوب.
ألوم دولًا عربية إسلامية لم ينطق أحد فيها بحرف، ولو حتى بالشجب أو الإدانة!
وكالعادة لا يصرخ أو يعلى كلمة فلسطين إلا أنتِ يا أرض الكنانة، إلا أنتِ يا مصر، فبالرغم من محاولات متعددة قامت بها الدولة المصرية باقتراح حلول واقعية بشأن إعلان الدولة الفلسطينية، وبالرغم من انتفاضة مصر في هيئة الأمم المتحدة للتنديد بانتهاك المقدسات الإسلامية بفلسطين إلا أن مصر ما زال لديها الكثير والكثير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وأقترح أن تقوم مصر باعتبارها رأس الشرق الأوسط ورمانة الميزان في المنطقة بالدعوة إلى إنشاء منظمة دولية وبصفة عاجلة ترأسها مصر، تهتم بالشأن الفلسطيني فقط، تدعم قيام الدولة الفلسطينية، وتعرض جرائم وانتهاكات إسرائيل للعالم كله، تضمن حقوق الشعب الفلسطيني، ويكون أعضاء تلك المنظمة من كافة دول العالم المؤيدين للحق الفلسطيني سواء "حق الحياة-والمسكن- الطعام- الأمن- حرية العقيدة" حتى وإن لم يكونوا عرب أو مسلمين، وتسعى مصر جاهدة لإقناع وضم عدد كبير من دول للالتحاق بالمنظمة لدعم القضية الفلسطينية وتعزيز حقوقها.

فالمنظمات الدولية تُعد إطارا للتفاوض والمناقشة بين مختلف الدول الأعضاءبشكل قانوني، للعمل على تقريب المواقف ووجهات النظر لكل دولة فيما يخص المشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها التي تواجه فلسطين، ومن ثم اقتراح حلول منطقية وذلك بموافقة أكبر عدد من الدول الأعضاء "الأغلبية" وتقديمها للمجتمع الدولي على هيئةتوصيات أو توجهات وذلك لكسب أرضية مشتركة وتعاطف معظم دول العالم مع الشأن الفلسطيني، وبناءً عليه يحدث التأثير في الرأي العام العالمي، وذلك تمهيدًا لعرض الملف الفلسطيني برمته على هيئة الأمم المتحدة بعد كسب رأى عام دولي حصل عليه إجماع وتأييد من معظم دول العالم.

وفى النهاية لا مجال لليأس أو التشاؤم فبالرغم من الظلام المطبق على فلسطين..فالنور سيشع من جديد والأمل ما زال باقيا.
الجريدة الرسمية