رئيس التحرير
عصام كامل

أهداف زيارة «السيسي» للبرتغال.. الرئيس يبحث مع «مارسيلو» مكافحة الإرهاب وأزمات الشرق الأوسط.. تعزيز الشراكة بين القاهرة ولشبونة.. وجذب استثمارات جديدة

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

يبدأ الرئيس السيسي زيارة رسمية للبرتغال الإثنين المقبل، وتستمر يومي 21 و22 نوفمبر الجاري، وهي أول زيارة دولية تستضيفها البرتغال منذ تنصيب الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا في مارس 2016.


تطوير العلاقات الثنائية

وتأتي زيارة الرئيس إلى البرتغال في إطار حرص البلدين على تطوير العلاقات الثنائية، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب خلال المرحلة المقبلة.
 

الاقتصاد

ومن المقرر أن تتناول الزيارة سبل تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية، بالإضافة إلى دفع التعاون في مجالات الاقتصاد والبحث العلمي والدفاع.


لقاءات

كما يلتقي الرئيس خلال الزيارة كلا من الرئيس البرتغالي ورئيس مجلس النواب، ورئيس الوزراء وعمدة لشبونة، بالإضافة إلى ممثلي عدد من المؤسسات العلمية والأكاديمية ومجتمع الأعمال البرتغالي.


تقطة هامة 

وتشكل الزيارة نقطة تحول في مسار العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والدفاعية والأمنية، بجانب كونها قوة دافعة لتعزيز الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي في كافة المجالات.


أول زيارة منذ 20 عاما

وتنبع أهمية الزيارة الرسمية للرئيس السيسي إلى لشبونة من كونها أول زيارة لرئيس مصري إلى البرتغال منذ نحو 20 عاما وتزامنها مع استعادة مصر لدورها المحوري إقليميا ودوليا عقب الانتهاء من استحقاقات المرحلة الانتقالية، والتي تضمنت إقرار الدستور الجديد وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وممارسة مجلس النواب لدوره التشريعي والرقابي وحصول مصر على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى موافقة صندوق النقد الدولي على برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري والقرارات الاقتصادية التي تبنتها مصر مؤخرا وفى مقدمتها تحرير سوق الصرف والجهود التي تبذلها الحكومة البرتغالية لزيادة معدل النمو الاقتصادي واحتواء الديون السيادية.


تأييد البرتغال

وحرصت البرتغال على تأييد خيارات الشعب المصري في ثورة الثلاثين من يونيو، حيث أعربت البرتغال على لسان وزير خارجيتها أجوستو سانتوس سيلفا الذي نقل رسالة إلى الرئيس السيسي من الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا في 13 يونيو الماضي، تؤكد على أهمية تعزيز علاقات التعاون بين البلدين عن دعم لشبونة الكامل لمصر وقد أكد الوزير البرتغالي خلال اللقاء مع الرئيس السيسىعلى تطلع بلاده لتعزيز علاقاتها بمصر وتطوير التعاون معها في جميع المجالات، مشيرا إلى وجود الكثير من القواسم والتحديات المشتركة التي تتطلب تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين بما يحقق مصالحهما المشتركة ومثمنا في هذا الصدد ما حققته مصر من استقرارٍ سياسي وإعلائها لقيم التعددية والمواطنة فضلا عن نجاحها في استكمال بنائها الدستوري.


ومن جانبه، أشاد الرئيس عبدالفتاح السيسي في منتصف يونيو الماضي بمواقف البرتغال إزاء التطورات التي مرت بها مصر خلال السنوات القليلة الماضية والتي عكست تفهم البرتغال لطبيعة تلك التطورات والظروف التي تشهدها المنطقة.


سفيرة البرتغال 

ومن جانبها، أكدت سفيرة البرتغال في القاهرة مادالينا فيشر أن زيارة الرئيس السيسي إلى لشبونة ستعزز التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية واصفة العلاقات بين البلدين بالتاريخية.


العلاقات السياسية 

وفي السياق ذاته، شهدت العلاقات السياسية بين البلدين تقدما ملحوظا نتيجة الزيارات المتبادلة بين مسئولي مصر والبرتغال، ومن بينها زيارة وزير الخارجية البرتغالي إلى القاهرة في يونيو الماضي بجانب احترام البرتغال لخيارات الشعب المصري وإرادته في ثورة الثلاثين من يونيو واستعادة مصر لدورها المؤثر في منطقة الشرق الأوسط.


حرص البرتغال

كما تحرص مصر والبرتغال على تنسيق المواقف المشتركة تجاه مختلف القضايا في المحافل الدولية كالأمم المتحدة، ومن بينها سبل مواجهة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب وضمان استقرار منطقة البحر المتوسط وتطورات الأزمات التي تشهدها عدد من دول منطقة الشرق الأوسط ولاسيما تطورات الأوضاع في ليبيا وسوريا، فضلا عن الجهود الدولية التي تبذل للتوصل إلى حلول سياسية لتلك الأزمات بما يحفظ وحدة هذه الدول وسلامتها الإقليمية ويصون مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها.


تعزيز العلاقات

كما أوضحت سفيرة البرتغال بالقاهرة أن بلادها حريصة على تعزيز العلاقات بين مصر وتجمع الدول الناطقة بالبرتغالية التي تأسست عام 1996 وتضم في عضويتها "البرتغال والبرازيل وأنجولا والرأس الأخضر وغينيا بيساو وموزمبيق وساو تومي وبرينسيبي وتيمور الشرقية، بالإضافة إلى غينيا الاستوائية وموريشيوس والسنغال كمراقبين".

المجال الاقتصادي

وفى المجال الاقتصادي، تتناول المباحثات التي سيجريها الرئيس السيسي مع المسئولين البرتغاليين سبل تعزيز التعاون الاقتصادي وحجم التجارة الذي لا يرق حتى الآن إلى مستوى العلاقات التاريخية بين البلدين.


90 مليون مستهلك

وتستهدف البرتغال من وراء تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع مصر، الاستفادة من الفرص العديدة التي توفرها السوق المصرية ومن بينها وجود نحو 90 مليون مستهلك وزيادة حجم صادراتها إلى الأسواق الأفريقية، وخاصة عقب إطلاق منطقة التجارة الحرة للتكتلات الأفريقية الثلاثة كوميسا وسادك وإياك بشرم الشيخ في يونيو 2015 والتي تضم 26 دولة، من بينها مصر ويمثل الناتج المحلى الإجمالي لها نحو 60% من إجمالي الناتج المحلى للقارة الأفريقية نحو 1.2 تريليون دولار وتضم أكثر من 56% من سكان القارة بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع العالم العربي.


التبادل التجاري

وقالت سفيرة البرتغال بالقاهرة إن مصر والبرتغال تسعيان لزيادة معدلات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة وتشجيع القطاع الخاص بالبلدين على الدخول في شراكة تجارية، مشيرة إلى أن شركات برتغالية عديدة أبدت اهتماما بالاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصرية وخاصة عقب القرارات الاقتصادية الأخيرة وفى مقدمتها تحرير سعر الصرف، وإطلاق حزمة المشروعات القومية العملاقة في مصر والتوقعات المتعلقة بزيادة معدل النمو الاقتصادي في مصر الذي من المتوقع أن يتراوح ما بين 4 و5% خلال العام المالي 2016 – 2017 وفقا لوزارة المالية مقابل 3ر4% في العام المالي 2015 – 2016.


الاستثمارات

وتوقع خبراء اقتصاديون أن يتزايد حجم التجارة والاستثمارات بين مصر والبرتغال نتيجة سياسات برنامج الحكومة المصرية التي تهدف إلى تصحيح الاختلالات الخارجية، واستعادة التنافسية وتوفير البيئة المواتية للاستثمار ووضع عجز الموازنة والدين العام على مسار تنازلي وإعطاء دفعة للنمو وخلق فرص العمل مع توفير الحماية لمحدودي الدخل.


صندوق النقد الدولي

وكانت الحكومة المصرية قد توصلت لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في أغسطس الماضي لمنحها قرضا بقيمة 12 مليار دولار لدعم برنامج الإصلاح الحكومي الهادف إلى سد عجز الميزانية وإعادة التوازن إلى أسواق الصرف.


التمثيل التجاري

وتشير الإحصائيات الصادرة عن جهاز التمثيل التجاري التابع لوزارة التجارة إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر والبرتغال زاد خلال العام الماضي بنحو 14% ليصل إلى 194 مليون يورو مقابل 167 مليون يورو خلال عام 2014، بينما ارتفع حجم الصادرات المصرية إلى تلك الدولة خلال العام الماضي ليبلغ 91 مليون يورو مقابل 87 مليون يورو في 2014، وبلغ حجم الواردات المصرية من البرتغال 103 ملايين يورو عام 2015.


حجم الاستثمارات

ويقدر حجم الاستثمارات المصرية في البرتغال بنحو 40 مليون يورو طبقا للبنك المركزي البرتغالي، في حين بلغت الاستثمارات البرتغالية في مصر نحو مليوني يورو وبلغ رأس المال المصدر بنحو 404 ملايين يورو، وتتركز الاستثمارات البرتغالية في مصر في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والملابس الجاهزة والطاقة الجديدة والمتجددة،أما بالنسبة لأهم القطاعات التي تستثمر فيها مصر بتلك الدولة فهي قطاع العقارات والتشييد والبناء.


المجالات الواعدة

كما تتمثل المجالات الواعدة للتعاون بين البلدين في قطاعات الموانئ والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وصناعة الأدوية والتكنولوجيا والطاقة الجديدة والمتجددة، وتوجد إمكانيات كبيرة لتعزيز المشروعات المشتركة في تلك المجالات في إطار آليات التعاون الاقتصادي بين البلدين والتي تتمثل في اللجنة المشتركة والمقرر عقد اجتماعاتها العام القادم، وتبادل الزيارات بين كبار المسئولين وبحث إمكانية إنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال لتفعيل الشراكة بين القطاع الخاص بالبلدين.


مجلس أعمال مشترك

ومن جانبه، قال وزير الصناعة والتجارة المهندس طارق قابيل إن هناك عددا من الموضوعات الاقتصادية المهمة قيد التفاوض بين البلدين حاليا لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري من بينها تأسيس مجلس أعمال مصري – برتغالي مشترك يضم قطاعات الجلود وقطع غيار السيارات والرخام والجرانيت والكابلات والطاقة المتجددة والإنشاء.


التحالف

ويرى خبراء اقتصاديون أن هناك فرصة متميزة لتعزيز التحالف الاقتصادي بين مصر والبرتغال في جميع المجالات للاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز للبلدين، حيث تكون مصر بوابة لصادرات البرتغال إلى الدول العربية وأفريقيا، بينما تتحول البرتغال إلى بوابة للصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي وتجمع الدول الناطقة بالبرتغالية، وذلك من خلال إنشاء خطوط ملاحية منتظمة بين الدولتين في ضوء الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها حكومتا البلدين لزيادة النمو الاقتصادي.


أحمد درويش

كما زار الدكتور أحمد درويش رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لشبونة في بداية أكتوبر الماضي للمشاركة في اجتماع الرئيس البرتغالي بأعضاء الغرفة الصناعية العربية بالبرتغال، لاستعراض فرص ومزايا الاستثمار في محور قناة السويس.


بروتوكول تعاون

ووقعت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في منتصف يونيو الماضي بروتوكول تعاون في مجال تشجيع الاستثمار مع وكالة الاستثمار والتجارة الدولية بالبرتغال بهدف تعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية وتطوير التعاون المتبادل بين البلدين.


السائحون

وفى السياق ذاته، تسعى مصر إلى زيادة عدد السائحين القادمين من البرتغال في محاولة لتعزيز مواردها من النقد الأجنبي وخاصة في مجال السياحة الثقافية والأثرية.

وشاركت مصر في معرض لشبونة الدولي للسياحة في مارس الماض وهو الحدث السياحي الأبرز في البرتغال لتعزيز تدفق السائحين البرتغاليين إلى أراضيها.

وتشير الإحصائيات إلى أن إجمالي عدد السائحين البرتغاليين إلى مصر خلال عام 2015 بلغ 8 آلاف سائح مقابل أكثر من 17 ألف سائح عام 2009.


مكافحة الإرهاب

وفى مجال الأمن والدفاع، تركز المباحثات التي سيجريها الرئيس السيسي مع المسئولين البرتغاليين على سبل تعزيز التعاون في مجال الدفاع ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

وتتبنى مصر والبرتغال وجهتي نظر متطابقة تجاه مكافحة الإرهاب حيث أكد الرئيس السيسي في العديد من المناسبات على أن الإرهاب لا يهدد دول منطقة الشرق الأوسط فحسب بل أيضًا أمن واستقرار أوروبا والعالم أجمع، مشددا على أهمية تبني منظور شامل لمكافحة الإرهاب يتضمن الأبعاد التنموية والثقافية والدينية إلى جانب الأمنية والعسكرية فضلًا عن تعزيز الجهود الدولية للحيلولة دون استخدام شبكة الإنترنت في نشر الأفكار الإرهابية المتطرفة والتحريض على العنف.


دور مصر المحوري

وفى المقابل، أعربت البرتغال على لسان وزير خارجيتها عن تقديرها لدور مصر المحوري بالشرق الأوسط وجنوب المتوسط وإسهاماتها المهمة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، مؤكدة تضامنها الكامل مع مصر في مواجهة الإرهاب.

وأكدت سفيرة البرتغال في مصر على أن بلادها ترفض كافة أشكال العنف والإرهاب وتتضامن مع مصر في مواجهة الإرهاب معربة عن إدانتها لأية عمليات إرهابية تتعرض لها مصر.


الشراكة

وتؤكد المؤشرات على أن الزيارة الرسمية للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى لشبونة سوف تعزز الشراكة بين مصر وكل من البرتغال والاتحاد الأوروبي سياسيا وتجاريا وأمنيا وثقافيا وتعليميا.
الجريدة الرسمية