رئيس التحرير
عصام كامل

هند رستم «ريتا هيوارث» السينما المصرية.. أميرة الإغراء كرهت فاتن حمامة ورفضت العندليب.. ضربت فنانا حاول التحرش بها بـ«الجزمة».. وقال لها العقاد: أنت نجمتي المفضلة

فيتو

مناسبة هذا الكلام هو أن اليوم يوافق عيد ميلاد الفنانة الراحلة هند رستم، والطبيعي أن يقال إنها كانت فنانة رائعة وعظيمة، وقدمت أدورا خالدة في تاريخ السينما المصرية.. وغيره من الكلام الذي يمكن أن يقال عن أي فنان أو شخصية لمجرد أنها عاشت في الزمن القديم.


اشتهرت بلقب "مارلين مونرو الشرق"، لأن المصريين وقتها لم يعرفوا عن الشعر الأصفر سوى مارلين، مع أن الأقرب لهند رستم في كل شيء هي الممثلة الأمريكية "ريتا هيوارث"، فهما لا تتشابهان في الملامح فقط، لكن في كل شيء، سواء في طريقة الكلام أو الشغب أو الدلع، وحتى في الرقص إذا رقصن، وأقرب مثال على ذلك، الرقصة الشهيرة لهند رستم في فيلم "صراع على النيل" ورقصة ريتا هيوارث في فيلمها الشهير "جيلدا"، والتي تشعرك بالفعل أنهما توأم؛ واحدة تعيش في مصر، والأخرى في هوليود.

أما مارلين مونرو، فهي أبعد ما يكون عن هند رستم؛ فالأولى كانت ضعيفة، ساذجة، مكسورة الجناح في كل أفلامها، حتى في حياتها الشخصية، أما الثانية، فقدمت أدوار"بنت البلد"، وكانت مشهورة بقوة الشخصية والذكاء، سواء في أعمالها أو حياتها، مثلها مثل "ريتا" التي عرفت أيضا بجبروتها وقوتها.

جرأتها وقوتها
لهند رستم قصص كثيرة في بداياتها الفنية، منها ما رواه الناقد والكاتب الصحفي محمود معروف في كتابه "روائع النجوم"، حيث قال إنه أثناء وقوف هند مع مجموعة من البنات أثناء تصوير فيلم للمخرج حسن الإمام، حدثت مشادة بينها وبين مساعد المخرج وقتها عاطف سالم، بسبب ضحكها بصوت عال، فقال لها: "إيه قلة الأدب دي"، لكنها لم تسكت، رغم أنها كانت مجرد كومبارس، فردت عليه: "أهو أنت اللى قليل الأدب، إحنا ولاد ناس مش جايين من الشارع"، وكان هذا الموقف سببا في إعجاب المخرج حسن رضا بها، وحياها على ما فعلته، وأصبح زوجها فيما بعد وأنجب منها ابنتها الوحيدة "بسنت".

يحكى أيضا الكاتب في موضع آخر حكاية أخرى تكشف عن قوتها، عندما بصقت على وجه أحد العاملين بالوسط الفني اسمه محمد زكي، حاول أن يستخف ظله معها، ولم يسكت عند ذلك بل حاول التحرش بها في مبنى نقابة الممثلين، فخلعت الحذاء وضربته على وجهه، ففر منها هاربا.

هي وعباس العقاد
هذه الفنانة الجميلة، استثنائية في كل شيء، لدرجة أن عباس العقاد، أهم مفكر في التاريخ العربي، طلب مقابلتها كي يجري حوارا معها، ليكون حوارا استثنائيا بين أهم مفكر وفنانة مثل هند رستم، نشرته مجلة "آخر ساعة" عام 1962.

ولأنها هند رستم، وقف عباس العقاد ينتظرها أمام باب شقته، وعندما جاءت قال لها: "لقد التقى الهلال مع النجوم"، ثم وصفها أثناء الحوار بأنها "ملكة التعبير"، وأخبرها بأنها نجمته المفضلة.

هي وفاتن حمامة
لم تحب هند رستم، فاتن حمامة للحظة واحدة، وفى أغلب حواراتها الصحفية كانت تسيء إليها، ففي حوار لها أجرته مع مجلة الجيل عام 1998، أعربت هند عن غضبها من اختيار فاتن حمامة، كأحسن ممثلة مصرية في القرن العشرين، وقالت إنها لا تستحق لقب سيدة الشاشة العربية، وإنها حصلت عليه بمحض الصدفة، وبررت ذلك بأن فاتن حمامة، لم تكن فنانة شاملة تقدم كل الأدوار، وأنها انحصرت فقط في شكل ولون معين لم تخرج عنه.

لم تقف هند رستم عند هذا الحد، بل قالت إنها ليست أقل من فاتن حمامة، وتتحداها أن تقوم بنفس أدوارها التي قامت بها.

أما عن سبب اعتزال هند رستم عام 1979 وهى في قمة النجومية، فيمكن أن نقول إن السبب هو فاتن حمامة، لكن بشكل غير مباشر؛ فعندما تلقت هند عرضا للقيام ببطولة مسلسل من إنتاج التليفزيون المصري، طلبت مبلغ خمسة آلاف دولار عند توقيع العقد، وسبعة آلاف جنيه في الحلقة الواحدة، إلا أن المنتج طلب منها أن تخفض أجرها إلى أربعة آلاف أسوة بفاتن حمامة، لكنها أصرت، فرفض المنتج، واعتزلت بعدها هند رستم، في قرار مفاجئ هز كل الأوساط الفنية وقتها، لتتفرغ لبيتها وزوجها الأخير الدكتور محمد فياض، ولم تظهر في أي عمل فني بعد ذلك.

وقالت فيما بعد في حوارات صحفية، إنها كانت تود أن تهاجر من مصر بلا رجعة بسبب فاتن حمامة، وإنها قررت أن تتفرغ لزوجها الدكتور؛ لأنه في رأيها يحتاج إلى السيدة ناريمان حسين مراد رستم، وليست الفنانة الشهيرة التي يعرفها الناس بـ"هند رستم"، التي تقضي طوال الوقت في بلاتوهات التصوير.

وكان هذا الزوج سببا رئيسيا في تغيير أفكارها ومبادئها، فبعد أن كانت تقدم أدوار الإغراء بمعلَمة لا ينافسها أحد فيها، رفضت أن تشارك عبد الحليم حافظ في فيلمه "أبي فوق الشجرة" نظرا لوجود بعض المشاهد الساخنة، وغضب منها العندليب وقتها، وقالت فيما بعد إنها كانت تحترم زوجها وبنتها التي كبرت في السن، والتي لا يجوز أن ترى أمها في وضع مثل ذلك.

وفاتها
وماتت هند في 8 أغسطس 2011 عن عمر ناهز 82 عاما، وحتى في آخر آيامها عندما ظهرت مع الإعلامي محمود سعد، كانت شديدة الجمال، ولم تجن الشيخوخة منها شيئا، فشعرها الذهبي كان كما هو، وتجاعيد وجهها كانت تحكى فصولا عن شموخها وكبريائها وذكرياتها.



الجريدة الرسمية