إنهم أناس يتطهرون
بالأمس القريب جمعتنى جلسة بأحد الجالسين على أحد المقاهى، ووجدت الرجل يتحدث بحماس منقطع النظير عن الرئيس مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين، وقال كلاما كثيرا من عينة: إنه أحد أفراد الشعب، ويهمه نجاح الإخوان فى الحكم لأنهم ليسوا أعداء الوطن، هم لهم فقط مطامع وأحلام مشروعة بحسب قوله، وأخذ يتحدث عن إنجازات جماعة الإخوان وأنهم استطاعوا القيام بما لم يأته الأوائل، فهم قاموا بكسر حاجز الخوف لدى الشعب من خلال صبرهم على ما يحدث.
وبدأ المواطن البسيط يثور على الأمور التى كانت تعد رجسا من عمل الشيطان وتودى بصاحبها إلى غياهب المعتقلات والسجون، وأنه بفضل الإخوان وسماحتهم أصبحنا لا نسمع عن تلفيق القضايا بل إن بعض المتهمين الفعليين فى بعض القضايا قد أخذوا أحكاما بالبراءة ولم يستطع أحد معاقبتهم، أو وضعهم قيد الحجز الاحتياطى كما كنا نسمع.
ووصل الأمر إلى خروج الناس علنا جهارا نهارا ينادون بإسقاط الرئيس، بعدما كان مجرد اجتماع خمسة تحت سقف واحد، ولو فى مطعم مثلا يعد عملا تآمريا ويثير مخاوف الدولة، وكانت الحكومات السابقة تعد للأمر عدته وتجهز له رجالها، بينما الآن خرج الناس مجتمعين يطالبون بإسقاط الحكومة، وإسقاط الرئيس ووصل الأمر فى بعض الأحيان إلى أن الأهالى بدأ صوتهم يعلو على صوت الحكومة، التى تسمع ما يقال وتضعه قيد الاعتبار، حتى أن أهالى مطروح رفضوا إقامة مشروع الضبعة النووى وما أدراك ما هذا المشروع.
وهنا وجدتنى أنفجر كحمم البركان، ووجدتنى أقول للرجل: يا أخى حرام عليك.. عن أى رئيس تتحدث؟ عن هذا الذى يخرج على الناس مخاطبا إياهم بأهلى وعشيرتى، ولا ندرى من هم أهله وعشيرته هل هم الإخوان فقط أم هم المصريون بمن فيهم المسلمون والمسيحيون أم عن هذا الرجل الذى يقف مزهوا وسط أمة مقهورة بالفقر والجهل والمرض والمشكلات العضال، والذى يقف يتحدث عن عالم خيالى لا وجود له على أرض الواقع، أم عن تلك الجماعة التى تظن أنها الفرقة الناجية، وبقية الناس هالكون، أما عن سماحة الإخوان التى وإن بدت سماحة إلا أنها لا تعبر إلا عن عجز عن إيجاد الدليل، وإلا ما خرج هؤلاء المتهمون، وإلا لاستطعنا القضاء على الطرف الثالث أو الفاعل المجهول فى كل القضايا التى تنظرها المحاكم والنيابات.
أما خروج الناس جماعات على الرئيس فلأنهم تصوروا فيه العدل والإنصاف وها هو يعيد ما كان يفعله النظام السابق، والناس قد خرجوا عليه فلماذا لا يخرجون على النظام الحالى وهو نظام يعرف مسبقا أن الشعب "جعان".
وهنا انصرف الرجل وهو يتمتم: يااااه هو ليه الناس كده؟ ووجدت أحد الجالسين بجوارى يخبرنى بأن الرجل كان من بين أعضاء النظام السابق والآن يحاول التطهر من كل الذنوب والآثام واللحاق بركب الإخوان.