رئيس التحرير
عصام كامل

قوات التخاذل العربي


هل تتذكرون "قوات التحالف الدولي" التي التهمت ما كان قديما يسمى العراق؟ هل تتذكرون كم مرة ذكرت فيها كلمة التحالف الدولي وطلعاته الجوية لسحق العراق؟.. منذ هذا التاريخ وكلمة التحالف تعني لي العصابة، لا تستخدم هذه الكلمة إلا ووراءها خراب ودمار وقتل ووقيعة، استخدمها العرب والعجم داعمين أمريكا، فالتهم العراق، وانتهك عرض الأمة، وأصبحنا بغير العراق فريسة لكل من هب ودب.

منذ أيام ليست ببعيدة، أعادت كلمة التحالف إنتاجها غير الشريف، عندما قصفت "قوات التحالف العربي" عزاء باليمن، فقتلت المعزين ليلحقوا بمن أتى بهم لأداء الواجب، امتد الواجب، وأصبحوا جزءًا من شهداء الواجب، قوات التحالف العربي اختارت اليمن لتكون حقل تجارب للقتل، قوات التحالف العربي انتقلت من استهداف المعزين إلى استهداف السجناء في سجونهم، قوات التحالف العربي هل تختلف عن قوات التحالف الدولي؟ أظن أن كليهما قاتل وكليهما لا يعني بالنسبة لي إلا عصابة حتى لو كانت مصر شريكا بها.

ماذا جنى اليمن من حال كونه جزءا من الأمة العربية؟.. تهميش وإقصاء وظلم، وأخيرا قتل ومحاولة إنتاج حرب أهلية بين قبائله وأبنائه بين شبابه وشيوخه، بين الأهل صنعوا حربا لن تذر، حربا ستمتد نيرانها لتطال الجميع، ماذا قدمت الأمة العربية لشعب اليمن؟ قدمت "قوات تحالف عربية" تسقط قنابلها على أهل اليمن، وتلعب بالتمويل من أجل صناعة شقاق قد تمتد آثاره لأجيال قادمة.

ظلم اليمن من أمته، وبدلا من الوقوف معهم لمواجهة الفقر والجهل والعوز، واجهناهم بالقنابل والبارود والصواريخ، بدلا من الاستثمار في تعليم أبنائه، والكشف عن طاقاته واستغلال إمكانياته، سرقنا خزائنه وأرضه ونهبنا ثرواته، بدلا من دفعه للأمام ليكون جزءا مهما في محيطه، أحطناه بكل ما يجعله فقيرا محتاجا غير قادر على القيام بدوره، بدلا من الكشف عن طاقاته الحضارية العظيمة أردنا له أن يبقى تحت سيطرة الآخرين، وتعاملنا معه باعتباره قبيلة يمكن تجنيدها.

"قوات التحالف العربي" ليست إلا وسيلة قتل لن تؤدي للسيطرة على اليمن، لن تؤدي لإذلال اليمنيين، لن تؤدي إلى سيطرة غيرهم على بلادهم، قوات التحالف العربي ليست إلا واحدة من أدوات إسكات الآخر بالقوة والجبروت والهيمنة، قوات التحالف العربى ليست إلا واحدة من صور التعالي والعنترية على الأهل والأشقاء؛ ليكون بيننا سادة وعبيد، قوات التحالف العربي نكبة عربية جديدة، تصل ماضي العار والعمالة بحاضر الخزي والانهيار.

قوات التحالف أشعلت النار دون أن تتصور أنه من حق الضحية أن تثأر، وأن تقاوم، وأن تواجه التجبر بالرد، وأن تمارس حقها في الدفاع، أن ترفض الانصياع، أن تجابه التغول، أن تقول لا، أن تمارس كبرياءها على أرضها، حقها في الزود عن وطنها، قوات التحالف لم تكن تدرك أنها لن تزرع شوكا وتجني زهرا، أن تقصف بارودا وتتلقى ورودا، قوات التحالف العربي مارست القتل في الأهل والعشيرة والرفاق، فأصبحت عنوانا للتخاذل العربي.

الجريدة الرسمية